الجمعة، 30 أغسطس 2013

لميس والثورة.. النقاط على الحروف



صوت الثورة

ليس مستغرباً على الإطلاق على من أمضى جزءً ليس باليسير من حياته المهنية في الاسترزاق بمسح الجوخ ومديح منابع الإجرام والقذارة من أمثال خليفة بن سلمان وبقية العصابة الخليفية، سواء من خلال الموقع المهني في بؤرة من بؤر القذارة الإعلامية أو على المستوى الشخصي الذي تحدد اتجاه حركته بوصلة المصلحة الأنانية النابعة من الغرور والعجرفة، أن يعود رغم كل محاولات التجمُّل واللعب العبثي على أوتار عاطفة شعبٍ ذاق الأمرين على مدى أكثر من قرنين من الزمن، رغبة في الوصول لمآرب شخصية لابد لها وأن تنفضح طال الزمان أو قصر. فهذه الأشياء التي تحمل أشكال الآدميين ليست تختلف في جوهرها عن النباتات المتسلقة في شيء، فهي كائنات مكانها تحت الأقدام مهما تطلعت لعنان السماء، وليس لها من سبيل للترفع عن مكانها المفترض سوى بتسلق أقرب جدار تجده في محيطها، نظيفاً كان أو قذراً، فتزحف نحوه زحفاً غير آبهة بما يتلصق بها من بقايا روث وسماد، حتى تمسك بتلابيبه فتبدأ بالتسلق عليه في منظر يبدو للرائي حميماً حيث تحتضنه بكل ما أوتيت من قوة، لكنها ما أن تصل إلى قمته فإنها لا تجد من سبيل للمكوث في موقعها الذي ما كانت لتبلغه لولا ذلك الجدار الذي احتضنها ظناً منه أنها قد عشقته، سوى بالتربع عليه، ثم العودة لما كانت عليه بالزحف يميناً ويساراً بحثاً عن جدار آخر يأخذها لما هو أرفع، فتغطي بانتشارها ذلك الجدار الذي صيرته مطية لبلوغها حيث بلغت.. هكذا هي النباتات المتسلقة.. وهكذا هي تلك النماذج التي باتت تغث الحياة بنتنها.

كنا قد علقنا في مرات سابقة على بعض سفاهات لميس ضيف التي لم نكن لنتمكن من التغاضي عنها احتراماً للعقول والمبادئ لا لموقف شخصي أو حَنَق، وحرصنا كل الحرص في كل تعليقاتنا السابقة، المقتضبة منها والمطولة، على أن يكون الحديث في ما قد قيل لا في من قال، لا من قريب ولا من بعيد، رغم أن الصورة الحقيقية لم تكن خافية علينا أو على الآخرين ممن لم يوهمهم ذلك الاحتضان الحميمي في مشوار التسلق بحالة العشق الزائف. إلا أننا نجد أنفسنا اليوم مضطرين لتغيير مجرى الحديث لتعلم ضيف وكل من ينتهج منهجها الأناني الفاضح أن الطيبة والتزام المبادئ لا يجب أن يُتعامل معه على أنه سذاجة أو سطحية، كما يحلو لها وغيرها أن يصوروه في كل فعل أو قول.

ولمن بلغ هذا المقدار من المقال، وهيأ نفسه للهجوم والتخوين والتحقير وغير ذلك من الأساليب البالية والاتهامات المعلبة التي لم تكن يوماً لتؤثر في عقيدتنا وإيماننا بعدالة ومشروعية قضيتنا لكي تؤثر اليوم، لهؤلاء نقول: لسنا ضد التعبير الحر عن الرأي مهما اختلف مع ما نرى، ولسنا ضد تبني أي فكر أو معتقد أو أيدلوجية أو منهجية، ولم نعين أنفسنا يوماً أوصياء على الشعب، بل ليس لنا أن ندعي ذلك كائناً من نكون، إلا أن للتعبير عن الرأي حدود يعلمها ذو اللب والمنطق، وأي تعدٍ سافرٍ لتلك الحدود لابد وأن يجابه ويُلزم لجام صاحبه، شاء من شاء وأبى من أبى. وحيث أن ضيف قد بلغت مبلغاً في تجاوزها لتلك الحدود كان لزاماً علينا كسر جدار الصمت الذي اخترنا الإبقاء عليه طواعية لما ألزمنا أنفسنا به من مبادئ وقيم، لسنا نظن لوهلة أن ضيف تفقه أبجديتها.

آخر ترهات لميس ضيف عبر قناة اللؤلؤة التي لا تختلف عن تلفزيون البحرين من حيث النظر لثورة الكرامة بعين عوراء سوى في كونها منسوبة ظلماً وإجحافاً للمعارضة، كانت حلقة من محطات صعودها بدأتها بدغدغة المشاعر من خلال استغلال مظلومية وآلام عائلة المقداد الشريفة المناضلة التي قدمت ولاتزال تقدم للثورة ما تعجز الكلمات عن الوفاء بشكره، وما لا يفقه أمثال ضيف أبعاده ومضامينه، لتمهد بهذه المقدمة ذات السيناريو والتعليق الذي يفتقر لأبسط أبجديات الصياغة الإعلامية، إزعاج أسماع الشرفاء من الناس بهذيانها الذي داخلته ابتساماتها المصطنعة بينما تتحدث عن آلام أسرة هي واحدة من آلاف الأسر التي ليست معاناتها لتوصف بالكلمات.

تُرهاتٌ وهذيانٌ ليس أقله تمجيد المجرم القاتل حمد بن عيسى المسؤول الأول عن إزهاق المئات من الأرواح البريئة وإراقة الدماء الطاهرة والاعتداء على الأعراض والمقدسات وهدم بيوت الله في وضح النهار شهاراً جهاراً وحرق كتاب الله المجيد، ووصفه بالرمز الوطني، مقابل تسقيط الرموز الشعبية القابعة خلف القضبان، والذين لم تهمل في مشوار تسلقها احتضانهم للمضي نحو ما تصبو إليه.. حمد بن عيسى في عُرف لميس ضيف رمز وطني، وعبدالوهاب حسين ومشيمع والمحفوظ والمقداد والساري وغيرهم من الشرفاء الذين آل بهم التزامهم بمبادئ الحق واحترامهم لإرادة الشعب المشروعة وعملهم بتكليفهم الشرعي لأن يكونوا وجبة سائغة لوحوش حمد بن عيسى وجلاوزته، هؤلاء في عُرف ضيف ضالون مضللون يستغفلون الناس ويُمنُّونهم بالأحلام.

لم تخجل لميس ضيف –وليس مثلها من يعرف معنى الخجل- وهي تفتري وتكذب علناً بنبرة ميوعتها مُدعيةً أن من أسمتهم عتاة المعارضة، في إشارة للرموز الشعبية المناضلة، يعجزون عن الإجابة على أسئلتها حول كيفية إسقاط النظام، فادعت بسماجة فظَّة أن المحرك للناس في تضحياتهم هو المال والرغبة في الثراء، وأن الرموز الشعبية هم من يمنِّونهم بذلك.. تقول ضيف: "ليش أعشم فلاح أنه بيصير مليونير؟ وأقول له كيف يقول لي الله كريم"، وتستطرد "أعشمك بثروة ربما بمعجزة أو ضربة حظ صارت لغيرك في العالم؟! أعشمك بأمل ترهن حياتك له وأنا ما أشوف له معطيات؟!".. وها نحن نتحدى ضيف علناً أن تثبت هذه الفرية وهذا الادعاء الكاذب الذي لم تتجنَ فيه على الرموز الشعبية المضحية فحسب، بل على الشعب الثائر بأسره حيث نسبت حراكه وتضحياته لسعيه للثراء.. فأي فجاجة وأي وقاحة تلك التي باتت تلتحفها هذه المدعية؟!

لقد أطربت ترهات ضيف أسماع طبالة العصابة الخليفية، فكانوا أكثر من تناقل حديثها الوقح على وسائل التواصل الاجتماعي في رسائل متنوعة، لم تخلُ من التبجح الفظ، غير مدركين –وهذه طبيعة المطبلين عموماً- أن الطائفة السنية في البحرين قاطبةً كانت وعاء الشق الآخر من أكذوبتها وفريتها، حيث وجهت لها الاتهام بسعيها لإلغاء الطائفة الشيعية من باب "العين بالعين"، بعد أن اتهمت الحراك الثوري الوطني الذي كان ولايزال يرفع شعار "لا سنية ولا شيعية، بل شعبٌ يطلب حرية" أنه المتسبب في تأليب الطائفة السنية ضد الشيعية بسبب رفع شعار "إسقاط النظام"، بمن في ذلك أبناء السنة ممن كانوا في الدوار فعزفوا بحسب ادعائها بسبب هذا الشعار. خلطٌ مقيتٌ للأوراق، ليس يُعرف له صاحب. فالشعب، كل الشعب، في نظر لميس ضيف مجرم، فنصفه يسعى للثراء ويُجد ويجتهد لإلغاء الآخر، والنصف الآخر يرد بـ"العين بالعين"، فيسعى لتأمين كيانه بإلغاء النصف الأول!! خلطٌ ليس بالمستحدث، وإنما هو استمرار لذاك الخلط الذي بدأه سيدها سلمان بن حمد حيث صور الصراع الشعبي ضد عائلته وحكمها بالصراع الطائفي بين مكونات الشعب، وتشدقت عصابته بهذا الادعاء إلى يومنا هذا.

تقول ضيف: "لا أحد يكلمني عن جرائم النظام وتجاوزاته، تعالوا لأن اللي عندي ضدهم أكثر من اللي تملكونه"، فإن صدقت، وهي قطعاً ليست في ذلك صادقة، فإنها إنما تثبت انعدام المبادئ والقيم، حيث ترى ضرورة التعايش مع من لم يتوانَ عن محاربة الله في كتابه وبيوته وحرماته من أجل حفنة من المال والخدمات أسمتها "90% من المطالب المتفق عليها"!! وإن كذبت، وهي ليست في ذلك إلا كاذبة، فإن ذلك لا يعدو سلسلة افتراءاتها التي تسعى من خلالها لصنع مجدها الزائف.. نعم لميس، لستِ تمتلكين أكثر مما يمتلك هؤلاء المضحون، لأن مصادرك ببساطة تويتر وفيسبوك ويوتيوب واتصال هنا أو مقالة هناك، بينما يعيش هؤلاء ألم المعاناة الحقيقية.. هؤلاء الذين هم في نظرك يسعى كل فرد منهم لأن يكون مليونير، ينامون بعين والأخرى تترقب اقتحاماً يصحبه ما يصحبه من الحط من الكرامة الإنسانية.. هؤلاء قدم بعضهم فلذات أكبادهم، وقدم البعض الآخر دماء آباءهم وأمهاتهم، وحرياتهم وكرامتهم، بل وإحساسهم بأبسط صور الإنسانية، في سبيل التمسك بمبادئهم وقيمهم وحقهم المشروع، الذي تسعين وآخرين لحرفه وتحريفه. بعض هؤلاء يعلمون جيداً، وليست تخونهم ذاكرتهم، تلك القصة التي اختلقتها لميس ضيف حول خروجها من البلاد طواعية، ثم الادعاء من نسج الخيال بتعرضها للاعتداء لتنضم اقتراءً لقائمة المضحين. بعض هؤلاء يعلم بخبايا اللقاءات السرية بين العصابة الخليفية والمحاربين لإرادة الشارع لفرض رؤاهم باسم المعارضة والإصلاح.. نعم يعلم هؤلاء أكثر مما تعلمين، غير أن عيونهم ترقب الصالح العام في ما يقال وما لا يقال، وفي متى يقال ماذا.. فهم أبعد عن الثرثرة والثغاء.. هؤلاء ذواتهم تذوب في ثورة الكرامة، وهم أبعد عن إذابة الثورة في ذواتهم من خلال "لميس والثورة".. هؤلاء يقدم كلٌ منهم التضحيات ليلاً نهاراً من أجل استعادة حقٍ مغتصب وامتلاك حقهم في تقرير مصيرهم وفق ما يؤمنون به من حقٍ كفله الخالق قبل الخلق، ويرون رغم ذلك أنهم مقصرون، وهم أبعد عن النظر لأنفسهم على أنهم محور الوجود ولولاهم لما سُمع صوت ثورتهم.. وليس فيهم من فردٍ يسعى لكي يكون "مليونيراً"، رغم أن أثراهم (مديونير)..

تذرعت ضيف وهي تسهب في التعبير عن حالة الوهن والضعف التي تعتريها وتظن الآخرين يشاطرونها ذات الشعور، أن دول الخليج تدعم حق الشعب لكنهم بسبب شعار "إسقاط النظام" انقلبوا ضد الثورة الشعبية بنسبة 100%.. خلطٌ على خلط، ومغالطة تجر في ذيلها مغالطات، وتاريخ الثورة ليس بالبعيد لكي ينسى المنصف من الناس أن ما لا يتجاوز عدد أصابع اليد في تلك الدول هم فقط من جأروا بالحق والحقيقة ودفع بعضهم حريته ثمناً لتغريدة هنا أو مقالة هناك، بينما تكالبت الأنظمة المجرمة لدعم العصابة الخليفية فهيأت ما هيأت من عدة وسلاح ودعم مالي سخي، فيما تجاوز النظامان السعودي والإماراتي كل الأعراف الأخلاقية فأرسلوا جنودهم رافعين علامة النصر على أبناء الأرض، ولم يكن حينها شعار "إسقاط النظام" قد خرج من حدود ميدان الشهداء، بعدما ظهر سيد لميس على شاشة تلفزيون العهر الخليفي ليؤكد حق الشعب في الجهر بمطالبه والتعبير عن رأيه أياً كان، دون أن يكون لأحد مصادرة هذا الحق منه. قال ما قال حينها ليعطي الناس الأمان، ثم تغتالهم بنادق الجيش الذي يرأسه، ثم يظهر كما الحمل الوديع، ليحاول السذج من أمثال ضيف أن يقنعوا الجميع أن سذاجتهم هي الحنكة وفن الممكن في ضوء المعطيات الإقليمية، وأن الأسلم هو انتهاج الشعب لذات السذاجة والسطحية وانعدام الغيرة على الأعراض والدماء والمقدسات.

وفي خضم خوارها، تقول ضيف: "كنا غالبية، والمعادلة اليوم تغيرت"، في تكرار سمجٍ لأكاذيب العصابة الخليفية التي ليست تنطلي على الطفل فضلاً عن الراشد.. ونُجمل القول في تفنيد تلك الأكذوبة بأنه لو كان أسيادك الذين لا ترين من التعايش معهم من مفر يدركون صدق هذا الادعاء الساذج ولو بمقدار العُشر في المائة لما توانوا عن الدعوة للاقتراع الشعبي، على الأقل ليظهروا أمام العالم بأنهم دعاة إصلاح وحقوق، ليقينهم بأن النتيجة ستكون لهم محسومة. فليكف كل آبق عن هذا الإدعاء احتراماً للعقول. ونُذكِّر ضيف وأمثالها أن الوطنية والانتماء ليس يحكمها جواز أو جنسية يمنحها رمزك الوطني وأجهزته الفاسدة، وإنما الوطنية جذور مغروسة في الأرض. ولسنا نرى في هذه الفرية سواء جاءت بها لميس أو رموزها الوطنية من العصابة الخليفية سوى محاولة تكريس صورة الصراع الطائفي والحديث بمنطق طائفة الأغلبية وطائفة الأقلية وميزان القوى بين السنة والشيعة على خلاف واقع المجريات في الساحة حيث ليس للثورة مذهب سوى العدالة والحقوق، بسنتها وشيعتها.

وفي ختام محطتها، وجهت ضيف "كلمة راس" للشعب المستغفَل حسب ما ترى قالت فيها: "احنا نبي العنب مو راس الناطور".. وجوابنا: عفواً، يريد العنب من يسعى لإشباع بطنه، أما أبناء الثورة بعد كل ما قدموا من تضحيات يريدون الناطور قبل العنب، لا لعداء مع الناطور، بل لأنه لم يكن أهلاً لما استأمنه الشعب عليه.. الناطور أيتها السيدة لابد وأن يدفع ثمن خيانته للأمانة، وعبثه في المزرعة واستئثاره بالعنب وقتل وتعذيب كل من أحس بأنه يسعى للاقتراب من العنب ولو ظناً.. ناطورك أيتها السيدة هو المطلوب الأول، ثم عنب الشعب.

وللحق والأمانة نقول، أنه لم يكن في محطة ضيف من كلمة صواب سوى ما اختتمت به ثغاءها حيث قالت: "والله من وراء القصد"، نعم إن الله من وراء القصد. ومن باب النصيحة نُذكر ضيف ومن هم على شاكلتها أن مكر الخالق أشد من مكر المخلوق، وأن من هم على هذه الشاكلة إنما "يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون".

ونختتم القول بلفتة مقتضبة لضيف ومن يشاكلها من نكرات بأنه إن كان سبب نزع رداء الزينة الثوري في مثل هذا الوقت سببه الاعتقاد بأن جولة خوار التواثق الوثني الجديدة ستؤول لفرض ما يسعى له أصحاب العرين من مصالحة مع العصابة المجرمة تحت مسمى الإصلاح وفن الممكن، فمخطئ مخطئ مخطئ من يعتقد ذلك، وستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً، ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ.. والله من وراء القصد.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق