بقلم: ليلى البحراني
منذ أكثر من 237 سنة
احتل الخليفيون أرض البحرين واغتصبوا ثرواتها وقتلوا سكانها وهجروهم.. جاؤوا بعد حملات
متكررة من السرقة والقرصنة على سفن البحرينيين وتجارها، وهجمات متكررة على القرى الساحلية
بالخصوص..
|
لم تكن المهمة سهلة
على الخليفيين، ولعل كثرة السلاح لديهم ووجود دعم خارجي لهم هما اللذان مكناهم من احتلال
الجزيرة أخيراً..
عَرف الخليفيون منذ
المعركة الأولى والقرصنة الأولى على هذه الأرض الطيبة أن سكانها من نوع آخر من البشر..
البحرانيون مسالمون،
متحضرون، متعلمون، والأكثر أهمية أنهم متدينون تابعون للمذهب الشيعي الحسيني..
لقد كان التشيع هو المصيبة
العظمى لدى الخليفيين منذ احتلالهم للبحرين، لما لعقيدة التشيع من تأثير كبير في فكر
وعمل السكان الأصليين (البحارنة) ورفضهم للظلم والقتل والاستبداد والنهب والاعتداءات
الفاجرة على القرى. لقد واجه الخليفيون مقاومة شرسة من البحارنة كبدتهم الخسائر المادية
أيضاً..
استمر الخليفيون في
احتلال الأرض الغنية بالثروات واستعباد أهلها واغتصاب بناتهم العفيفات، ولأن للعفة
والطهارة الأهمية الكبرى لدى السكان البحارنة، فضّل كثير منهم الهجرة من قراهم وإنشاء
قرى أخرى في مناطق أبعد غير مأهولة، وآخرون اضطروا للهجرة بعيداً عن الجزيرة.
إنّ الحديث عن مظلومية
الشعب البحراني، والمجازر التي اقترفها الخليفيون بحقهم وسرد ظلامتهم يطول.
لم يثق الخليفيون يوماً
بالشيعة، فلم يعطوهم المناصب الهامة في الجيش والشرطة، لقد كانوا يخشون تمكن الشعب
البحراني من السلاح وتحويله لاحقاً ضد المحتل الخليفي.
على الرغم من وصول بعض
الشيعة إلى المناصب الرفيعة قرب آل خليفة إلا أن الغرض من ذلك كان تفريق الجماهير الشعبية
وخصوصاً إذا كان المُقرَب من رجالات الدين؛ إلا أن هؤلاء المُقرَبين لم يتمكنوا من
الوصول لقيادة الجيش أو القيادات الأمنية في البلد.
بالنظر إلى تطور العلاقة
والثقة بين آل خليفة والبحارنة فإن الثقة لم تكن موجودة يوماً، أما العلاقة فلقد تطورت
تدريجياً منذ أكثر من خمسين سنة في سعي حثيث من آل خليفة لإيجاد علاقة تكافل بين الطرفين،
حيث يوفر الخليفيون المال والمناصب الرفيعة للبحارنة المُقرَبين فيما يُقدم هؤلاء خدمات
منوعة من تقديم معلومات إلى تقديم الرقاب، من خلال التلصصي ونقل الأخبار أو من خلال
العمل كوعاظ السلاطين.
لكنّ ذلك لم يكن كافياً،
فلقد كان الخوف من الثورة الشيعية هاجساً يحيط بالخليفيين منذ الثمانينات وحتى انتفاضة
التسعينيات.
بعد الثمانينيات أدرك
الخليفيون ضرورة تقسيم الشيعة وتفريقهم وعملوا على ذلك بقوة، لكنّ انتفاضة التسعينيات
جعلتهم يدركون أنهم فشلوا في هذا المهمة فشلاً ذريعاً -على الرغم من نجاحهم فيه ولو
بدرجة ضئيلة لا زال لها تأثير في انقسام الشعب حتى الآن- مما حداهم لتخطيط جديد.
فكان لا بد من الخداع
والاحتيال، فكان ميثاق 2001 ودستور 2002 والتغيير المنهجي في العلاقة بين القيادة الخليفية
والشعب البحراني، من توفير الوظائف وزيادة الرواتب وتوفير السكن. ولكن ضمن قاعدة مهمة؛
لقد سعى الخليفيون إلى إعطاء قلة وإبقاء كثرة في الفقر. وبهذا تمكن الخليفيون من وضع
فارق مادي بين فئات الشعب البحراني ستكون لاحقاً عائقاً قوياً لأي ثورة مستقبلية، ومانعاً
للمشاركين في الثورة من التأثير السلبي على اقتصاد آل خليفة ورغبتهم في الثراء بلا
توقف.
أراد الخليفيون إما
إفقار الشعب البحراني أو إقصاءه إما عبر التهجير أو القتل البطيء، ولإتمام المخطط كان
لا بد للخليفيين من جلب شعب بديل ليحمي آل خليفة أولاً وليكون الشعب المثالي ثانياً.
سعى الخليفيون منذ احتلالهم
للبحرين لجلب أفراد من خارج البلد لحمايتهم في مقابل المال والتوطين، واستمر الحال
أمداً طويلاً، لكنه لم يكن كافياً أبداً كي تتكافيء الكفة السنية في مقابل الكفة الشيعية
في البحرين، مما حدى بالخليفيين أخيراً إلى زيادة وتيرة التجنيس بعد كذبة الميثاق.
لكن مصيبة حصلت قبل
إتمام هذا المخطط جعلت الخليفيين في حيرة من أمر هذا التنين الشيعي الذي لا يتوقف عن
مطاردتهم في الحلم واليقظة، فكانت ثورة اللؤلؤ مُحطمة لكل تدبير خليفي، فلم يكن المشاركون
من الشيعة فقط بل وحتى من السنة الشرفاء الذين رفضوا توطين السفهاء من كل بلد وتجنيسهم
ومساواتهم مع المواطن البحريني الأصيل بل وحتى تفضيله عليه..
ولا زال الخليفيون يخشون
البحارنة، لماذا؟!
هناك تاريخ طويل يسرد
العلاقة بين الطرفين، جعلت من الخليفيين لا يثقون بالشيعة أبداً، أليس هذا التاريخ
مشتركاً؟
أليس حرياً بنا أن نقابلهم
بالشك وعدم الاطمئنان لهم؟!
لم يصدقوا في وعد يوماً،
نكثوا كل العهود والمواثيق.
فهل علينا أن نثق بهم
بعد كل هذا؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق