الجمعة، 20 أبريل 2012

رب ضارة نافعة: سباق فورمولا1 يجدد دماء الثورة

حركة احرار البحرين الاسلامية
لندن


سلام على الشهداء الذين ضحوا بانفسهم من اجل الله والخير والعدل والشعب والحرية.

وتحية للشرفاء الذين اعطوا كل ما لديهم من الراحة والامن والاستقرار، لهدف واحد: نيل رضى الله، وتحقيق راحة الضمير وكسب النصر للحق على الظلم. فما شهده العالم في الايام الاخيرة يفوق ما كان العالم يتوقعه بعد ان انفقت اموال النفط على الدعاية المضللة، وعملت قوى الثورة المضادة لكسر معنويات المجاهدين والابطال، وتهيئة الارضية لتحقيق غلبة الزمرة الخليفية على شعب البحرين. بجهود هؤلاء هزم العدو الخليفي وابواقه، وكلت سيوفه، وتراجعت فلوله، وفرض الشعب على القوى الداعمة  له اعادة النظر في موقفها او مشاركة الخليفيين المجرمين في مصيرهم المشؤوم. من غياهب السجن تحرك ضمير الامة متجسدا بشخصية قادة الثورة مجتمعين ووحدانا. أوليس هدى الله هو الذي حرك المجاهد عبد الهادي الخواجة ليعلن شعاره الذي اصبح شعارا للكثيرين: الحرية او الشهادة. فليس هناك خيار ثالث الا للامعات والابواق وماسحي الاحذية ولاعقي القصاع، اولئك الذين سلب الله من نفوسهم الكرامة وقبلوا بالذل، ورضوا بالاستعباد للعدو الخليفي المجرم. كان الخواجة ظاهرة قلبت الطاولة على رؤوس الطغاة، ومن وراء القضبان استطاع بث الحياة في جسد الثورة وحركها لتنتفض جبارة عملاقة تتحدى الاستبداد والاحتلال. بقي أخمص البطن اكثر من شهرين، يتلوى بطنه من الجوع، سغبا، ويتلاشى جسده ضعفا، ولكن تكبر روحه وتشتد عزيمته. استصغر الخليفيون في بداية الامر شأنه، فاذا به يزلزل الارض تحت اقدامهم ويكشفهم جيفة نتنة امام العالم، فلم تبق منظمة حقوقية الا وصدحت بشجبها الخليفيين المجرمين، وما بقي سياسي الا وشعر بالحرج امام هذا العملاق وادرك بان عليه ان يكون شيئا ان كان يريد الحفاظ على شيء من المصداقية. رجل لا كالرجال، وبطل يفوق الابطال، وعملاق دونه الجبال، وشموخ يرقى على السحاب. فهنيئا للبحرين هذا البطل، وتعسا وسحقا للطغاة الفاسدين.

وفجأة تطل قضية الاستاذ حسن مشيمع مجددا على الافق، فتحيل نهار العدو الخليفي ليلا، وتضيف لما انجزته قضية الخواجة، وتقنع العالم مجددا بضرورة التحرك لمحاصرة الخليفيين المجرمين. لقد اصبح واضحا ان الحكومات الامريكية والبريطانية والسعودية اصبحت تشارك العدو الخليفي مصيره الاسود المحتوم ما لم تغير موقفها وتبدل اتجاه سياستها في المنطقة خصوصا البحرين. رمز الصمود والثورة يعلن للشعب عودة مرض السرطان اليه ليصيب كبده بعد ان تعافي جسده منه قبل عام. لا شك ان العدو الخليفي يتمنى ان لا يرى المشيمع على قيد الحياة، لانه نظام اصبح نذير شؤوم وسوء للشعب. ولكن شاء الله ان تصبح قضية مرض الاستاذ حسن المشيمع عنوانا لظلامة لا يستيطع الآخرين تجاهلها او التقاعس في التعاطي معها. لقد اصبحت مشيمع رقما صعبا في المعادلة البحرانية، افلت دونه بقية الرموز والشخصيات. وتضامنا مع الخواجة والمشيمع تحرك موسى عبد علي وعلي مشيمع على وجه السرعة معلنين اضرابهم عن الطعام واعتصامهم امام السفارة الامريكية بقلب العاصمة البريطانية. وعلى مدى اسبوع كامل واجه هذان البطلان من الصعوبات وشظف العيش وقسوة المناخ ما تحتمله اجساد البشر. فمن يستطيع ان يقضي ليالي كاملة في العراء في مناخ جليدي هبطت درجات حرارته دون الصفر؟ ومن يملك ارادة الامتناع عن الطعام في مناخ كهذا وظروف عيش في العراء كهذه؟ من اين امتلك هذان البطلان قوة الارادة والعزيمة والتصميم ليقوما بما فعلاه؟ وثمة سؤال يتحدى الجميع: هل انحصرت المسؤولية بهما؟ ما الذي يدفع اشخاصا مثل عبد الهادي والخواجة وحسن مشيمع وعبد الوهاب حسين وابراهيم شريف والعلماء المعتقلين وموسى عبد علي وعلي مشيمع للتضحية الى هذه المستويات الراقية من العطاء والفداء بالنفس والاهل والصحة والراحة؟ فخلال اعتصام الاخوين موسى وعلي امام السفارة الامريكية ثم صعودهما الى سطح و كر الفساد الخليفي في لندن، برز اشخاص آخرون كانوا مثالا للوفاء والعطاء بالحضور يوميا للمؤازرة والتضامن، بدون انقطاع، والعديد منهم من غير البحرانيين، من اليمن والعراق وباكستان وكشمير وغيرها، بينما اختفى اشخاص يفترض انهم يحملون القضية همومها وتوارت عن الانظار. يحدث هذا في البلدان عامة، فهناك من يعيش من اجل القضية بوجوده وكل ما يملك، وهناك من يعيش على القضية يحصد منها ما تطاله يداه. ويبقى للضمير هنا دوره في تحديد المواقف وتقدير حجم العطاء والتضحية. وثمة من يجتهد كثيرا في الجدال العقيم ولكنه يختفي عند النزال. لم يكن علي مشيمع وموسى عبد علي الا من الصفوة التي اختارها الله لان تكون مصداقا للعطاء ونكران الذات والتوجه لله، ايمانا وعبادة واعلاء لكلمة الدين التي تحرر الانسان وتضمن حقوقه، ودفاعا عن المستضعفين.

ليالي لندن الباردة وايامها الممطرة اصبحت مجالا للتمحيص والتمييز. فهناك من يضفي بوجوده وحراكه طاقة تحيل الجليد الى حالة من الدفء تحيي القلوب والنفوس، وآخرون يخضعون لتأثيرات المناخ البارد فتفتر همتهم ويخلدون الى مشاغل الحياة، وما اكثرها واصعبها. ان قلوب الصنف الاول من البشر كشف لها الغطاء فرأت ما عند الله من ثواب وخلود، فاستصغرت من سواه وما عداه. نظرت للديكتاتور الخليفي المتربع على كرسي الحكم، الجاثم على صدور الشعب، فاحتقرته وشعرت انها اقوى منه وانه اصغر منها شأنا وقيمة، فتحركت بوحي ذلك الشعور بهدف التغيير الضروري لتحقيق الايمان وحماية حقوق الناس ومنع الاستكبار والاستبداد من غرز مخالبه في بني البشر بدون رحمة او رأفة. وما يفعله شباب الثورة مصداق لذلك كله. فمنذ ان اعلنت ادارة سباق الفورمولا قرارها اجراء السباق في البحرين، تحرك الاحرار الذين اصطفاهم الله لحمل الرسالة واداء الامانة بالاستعداد وتكثيف الحضور في الشوارع وتصعيد الثورة لاثبات زيف الدعاوى الخليفية الباطلة. هؤلاء يحملون هموم شعب مقهور وأمة مستضعفة وانسانية مستهدفة. تحركوا على بركة الله تحت رعايته، لا يلوون على شيء سوى كسر شوكة الطغاة المتجبرين، فرددت هتافاتهم الملائكة والطيور والاشجار، واحرار البشر في كل زاوية. فلم يبق صاحب قلم حر الا ولهج بذكر البحرين واستنكر قرار ايكلستون، ومن ورائه الساسة البريطانيون، دعم الاستبداد الخليفي والاحتلال السعودي. وما الغريب في ذلك؟ أليسوا هم الذين نظموا السباقات في ظل نظام الفصل العنصري بجنوب افريقيا في الثمانينات؟ لقد اصبح هؤلاء عبيد الدنيا والمال، اعداء الحرية والديمقراطية والانسانية. ولكن شباب الثورة لمشروعهم بالمرصاد، فلن تغمض لهم عين ولن يهدأ لهم جفن حتى يزلزلوا الارض تحت عجلات سيارات السباق، وسوف يسمعون العالم اصوات المحرومين وأنات الثاكلات، وآهات المعذبين. انهم هنا صامدون، ثائرون، صادقون، عازمون على تحرير البلاد والعباد من براثن العدو الخليفي ودحر الاحتلال السعودي المقيت، واظهار زيف الابواق المأجورة والاقلام المزيفة. فصمودهم دونه الجبال، وشموخهم يعلو فوق السحاب، وهممهم لا تلين، فلن يرجعوا حتى يكتب الله على ايديهم النصر للمؤمنين وا لمستضعفين و الاحرار، ان الله بالغ أمره، قد جعل الله كل شيء قدرا.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، وفك قيد أسرانا، وتقبل قرابيننا يا رب العالمين. 

الثلاثاء، 17 أبريل 2012

الاضراب عن الطعام: الجوع من أجل الحرية

د.سعيد الشهابي
كاتب بحراني معارض - لندن

عندما قرر الناشط الحقوقي البحراني، عبد الهادي الخواجة، ذو النيف والخمسين عاما، بدء إضراب مفتوح عن الطعام، ربما كان من اكثر المضربين في العالم معرفة بمعنى ذلك، نتيجة نشاطه الحقوقي على مدى اكثر من ثلاثة عقود، فقد دافع هذا الناشط عن حقوق الانسان في كافة انحاء العالم، وحضر مؤتمرات كثيرة في بلدان شتى، وعمل في منظمات عديدة آخرها منظمة 'فرونت لاين' للدفاع عن نشطاء حقوق الانسان، التي تتخذ من العاصمة الايرلندية مقرا لها حتى استقال من منصبه بعد انطلاق ثورة البحرين في 14 شباط/فبراير من العام الماضي لينضم الى صفوفها.

وبالتالي كان قراره واعيا بمخاطر الدخول في إضراب مفتوح ومشروط. فتحت شعار 'الحرية او الشهادة' توقف الخواجة في الثامن من شهر شباط/فبراير الماضي عن تناول الطعام مطالبا بالافراج عنه وعن زملائه في المجموعة القيادية التي حكم افرادها بالسجن مددا تتراوح بين خمسة اعوام والمؤبد. وكان التقرير الذي اصدرته ما سمي 'اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق' التي شكلها النظام لتفادي فرض لجنة دولية مستقلة، قد احتوى على توصيات من بينها اعادة النظر في الاحكام التي صدرت بحق المعتقلين السياسيين خصوصا المجموعة القيادية.

واوضح احد اعضاء تلك اللجنة، السير نايجل رودلي، بان الفريق كان يهدف من وراء تلك التوصية لاطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم المجموعة القيادية التي ينتمي اليها عبد الهادي الخواجة. ويبدو ان الخواجة اعتقد ان اطلاق سراحه وبقية زملائه مطلب سوف تتعاطف معه واشنطن ولندن، اللاعبان الاساسيان في الشأن البحراني، وان اضرابه عن الطعام سوف يعطي دفعة لهما لاتخاذ قرار الافراج. والواضح انه في الوقت الذي تطالب المجموعات الحقوقية الدولية ومسؤولي الامم المتحدة، ومن بينهم بان كي مون، بذلك، فان واشنطن ولندن تصران على عدم الافراج.

وكان ذلك واضحا من تصريحات مسؤولي البلدين. وأكد البيان الاخير الصادر عن البيت الابيض ان واشنطن لا تسمح باطلاق سراح السجناء، بل تدعو لما اسمته 'حل انساني'، وهو مصطلح فضفاض لا يدعو بشكل واضح للافراج عن السجناء. وتجدر الاشارة الى ان الولايات المتحدة سبقت نظام الحكم في اتخاذ اجراءات بحق الرموز القيادية. فقبل ثلاثة اعوام الغت السفارة الامريكية في المنامة تأشيرات الدخول لعدد منهم من بينهم عبد الهادي الخواجة وحسن مشيمع والدكتور عبد الجليل السكنيس، وهم جميعا معتقلون ومحكومون بالسجن المؤبد.

بغض النظر عما يحققه إضراب الخواجة على المستوى الشخصي، من افراج يحقق جانب 'الحرية' او استمرار اعتقال يؤدي الى 'الشهادة' وهما الهدفان اللذان اعلنهما الخواجة لاضرابه، فقد دفع ذلك الاضراب قضية الثورة البحرانية الى الواجهة، واعاد الاهتمام بها مجددا. وساهم في ذلك السجال المتواصل حول دورة سباق السيارات المزمع عقدها الاسبوع المقبل في البحرين.

وما يزال قرار اقامتها او الغائها مفتوحا، خصوصا بعد ان انتشر اللغط بشأنها واصبحت سمعة السباق الدولي مضطربة بارتباطها بنظام تشوهت سمعته بسبب انتهاكاته حقوق الانسان على نطاق واسع. وفجأة استيقظ العالم مجددا على الوضع في هذا البلد الخليجي المبتلى، وادرك ان هناك حراكا سياسيا لم يتوقف منذ اكثر من عام، وان المسيرات في ارجائه تتواصل يوميا.

وفي اجواء اللغط والسجال على المستويين السياسي والديني حول الاضراب عن الطعام، يمكن طرح العديد من الامور: اولها ان السجال الديني حول ذلك مستمر، وتكون الفتوى حول مدى جوازه او حرمته مرتبطة بالظروف المحيطة بمصدر الفتوى، ولا يمكن فصلها عن التوجه السياسي لدى الشخص او الجهة المعنية بالفتيا. فمن يؤمن بالثورة والتغيير يرى فيه تجسيدا للنضال والجهاد ويهدف لتحقق مصلحة اسمى، وانه لا يختلف عن الاحتجاج والتظاهر الذي قد يؤدي الى استشهاد المشارك. بينما ينظر اليه آخرون بانه نوع من الانتحار غير المشروع. والواضح ان ثمة اختلافا شاسعا بين التصرفين يجعل الاضراب ممارسة مختلفة تماما. فبينما يتمثل هدف الانتحار اساسا بالتخلص من الحياة، فان هدف الاضراب عن الطعام الترويج لقضية او موقف او مطالب، وليس الموت هو الهدف منه. وبالتالي فلا يمكن قياس الموقف الشرعي من الاضراب عن الطعام بالموقف من الانتحار. ثانيا: ان الاضراب عن الطعام ممارسة جديدة قديمة، مارسها المناضلون منذ قرون، واصبحت اليوم نوعا من الممارسة التي ينتهجها المعارضون والسلطويون على حد السواء كوسيلة ضغط فاعلة على نظام الحكم.

فهل يعتقد عبد الهادي الخواجة بان امتناعه عن الطعام الذي قد يؤدي الى وفاته سوف يغير موازين القوى لصالحه؟ الامر المؤكد ان الرجل كان مدركا لحقيقة واحدة: ان الولايات المتحدة هي التي تدير الملف البحراني، وانها وفرت دعما سياسيا للاجتياح السعودي للبحرين ويؤكد ذلك تصريحات هيلاري كلينتون مرارا بعد الاجتياح. كما ان واشنطن اتخذت اجراء ضد الخواجة بمنعه قبل ثلاث سنوات من دخول اراضيها وسحب تأشيرة الدخول للولايات المتحدة من جوازه.

ومن خلال عمله الحقوقي في مواقع عديدة اكتشف الخواجة، كما اكتشف غيره من النشطاء الحقوقيين، ان الولايات المتحدة تنطلق وفق ما تعتبره طريقا لتحقيق مصالحها، ولا تهتم بحقوق الانسان من قريب او بعيد. فقد مارست التعذيب بحق سجناء غوانتنامو، وبشكل خاص طريقة 'الايهام بالغرق' التي اعتبرتها المنظمات الحقوقية كافة تعذيبا، بينما اعترف الرئيس السابق جورج بوش الابن بانه هو الذي اقرها، مبررا ذلك بانها ساهمت في منع اعتداءات محتملة على اهداف امريكية.

ان ملف الاضراب عن الطعام حافل ومتواصل خلال التاريخ النضالي للشعوب، وهو سلاح الضعيف الذي لا يجد وسيلة اخرى للتعبير عن ظلامته. هذا النمط من الاحتجاج كان واحدا من سمات مسيرة الزعيم الهندى 'المهاتما غاندي' المتحمس للسلام، الذي روج نهج بـ 'المقاومة السلمية'. لمقاومة الاستعمار البريطاني في الثلاثينات. وفي العام 1932 م قررالصيام حتى الموت احتجاجا على مشروع قانون يكرس التمييز في الانتخابات ضد الهنود المنبوذين، واستجاب الزعماء السياسيون والدينيون له بالتفاوض والتوصل إلى 'اتفاقية بونا' التي قضت بإلغاء نظام التمييز الانتخابي.

ويؤكد غاندي بأن قيمة اللاعنف لا تقاس فقط بقدرته على تحقيق تغيير سياسي وإنما بكونه يسجل موقفا إيجابيا ضد الاستعمار والظلم.

ومارس نيلسون مانديلا في بعض مراحل نضاله الاضراب عن الطعام، خصوصا عندما كان سجينا بجزيرة روبين. فقد كان يزرع بحديقة السجن بعض وجباته الهزيلة.

قبل ثلاثة شهور توفي المعارض الكوبي، ويلمان فيلار، بعد اضراب عن الطعام استمر قرابة الشهرين، احتجاجا على اعتقاله وحكمه بالسجن اربع سنوات بسبب مشاركته في مسيرة سلمية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ويمارسه كذلك الناشطون الذين لا يملكون وسائل اخرى لتسليط الضوء على سياسات او مواقف سلطوية يعتبرونها مشينة، كالفساد مثلا. ففي شهر اب (اغسطس) الماضي بثت شاشات التلفزيون مشهد الرجل السبعيني، آنا هازاري، مضربا عن الطعام وهو جالس باحدى الحقائق العامة في الهند، احتجاجا على قانون جديد لمكافحة الفساد اعتبره الناشط 'النكتة السخيفة'، ووصف الكفاح ضد الفساد بأنه 'الحرب الثانية من اجل الاستقلال'.

وأظهر إحصاء أخير أن 'الفساد يكلف الهند مليارات الدولارات ويهدد بعرقلة نمو اقتصادها'. وأنهى هازاري اضرابه بعد ان أوصل رسالته للرأي العام مع علمه بان امكانات الدولة تحول دون انتشار الحقيقية.

ويمارس الاضراب عن الطعام بشكل اوسع من قبل المعتقلين السياسيين لجذب الانظار الى قضيتهم والضغط على السلطات. فما تزال المناضلة الفلسطينية هناء شلبي مستمرة في اضرابها عن الطعام احتجاجا على ما تسميه سلطات الاحتلال 'توقيفا اداريا' استمر اكثر من عامين حتى الآن. اختطفت هذه الفتاة من بين اهلها بمنطقة برقين احدى قرى جنين شمالى الضفة الغربية، لان نشاطها ومواقفها لا تتناسب مع مصالح الاحتلال الاسرائيلي.

وأضرب الاسير الفلسطيني، خضر عدنان عن الطعام لمدة 66 يوما مطالبا بضمان حقوق الاسرى الفلسطينيين لدى الاحتلال الاسرائيلي. وقال في 11 فبراير الماضي: 'أؤكد على أن إضرابي عن الطعام، ليس من أجل قضيتي كفرد، إنما من أجل قضية أبناء شعبي، ومئات الأسرى الإداريين المحرومين من أبسط حقوقهم'.

وأنهى عدنان، البالغ من العمر 33 عاماً، الذي ينحدر من قرية 'عرابة' جنوب محافظة 'جنين' في الضفة الغربية، إضرابه بعدما تعهدت السلطات الإسرائيلية بالإفراج عنه في 17 نيسان/أبريل من العام الجاري.

وكانت زوجة وزير العدل التونسي قد اعلنت اضرابها عن الطعام تضامنا مع خضر عدنان. وفي الاسبوع الماضي بدأ الاسير بسجون الاحتلال الاسرائيلي، عبد الله البرغوثي، البالغ من العمر 41 عاما، وهو مسؤول الجناح العسكري بحركة حماس في الضفة والمعتقل منذ 2003 إضرابا عن الطعام مؤكدا انه لن يفك اضرابه تحت اي ظروف من الظروف الا بعد تحقيق مطالبه المتمثلة باخراجه من العزل الانفرادي والسماح لاهله في بزيارته.

وقال البرغوثي ان اضرابه مستمر، فإما تحقيق مطالبه او الشهادة. ومن الجدير ذكره أن الأسير محكوم 67 مؤبدا و5200 سنة، وهو صاحب أطول حكم عسكري في تاريخ الاحتلال، ومعزول انفراديا منذ اعتقاله.

ولا يقتصر الاضراب على المعارضين المسجونين، بل ان السياسيين قد يقومون به ايضا. فقبل شهرين راودت الفكرة نوابا بمجلس الشعب المصري منهم زياد العليمي وعمرو حمزاوي ومصطفى الجندي احتجاجا على الاوضاع حول وزارة الداخلية وضرب المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع وخراطيش الماء، وهي الحادثة التي فضحت اساليب القمع التي تمارسها قوات الامن المصرية بتوجيهات المجلس العسكري. وفي بنغلاديش اضربت في مايو 2008 قيادات حزب 'رابطة عوامي' عن الطعام، مطالبين باطلاق سراح الشيخة حسينة واجد، زعيمة حزبهم ورئيس الوزراء السابقة، ومعها 170 من السياسيين، واطلق سراحها لتخوض الانتخابات وتفوز برئاسة الوزاء للمرة الثانية، وانهاء حكم العسكر. كما ان الاضراب يشمل المرأة ايضا، كما فعلت هناء شلبي.

وقد دخلت المرأة في بداية القرن العشرين عالم الاحتجاج جوعا، عندما تكررت حالات الاحتجاج من قبل النساء في السجون البريطانية. وفي عام 1913 صدر القانون المعروف بقانون 'القط والفأر' الذي كان يسمح بالتسامح مع حالات الإضراب عن الطعام مع القيام بإطلاق سراحهن إذا ما ساءت حالتهن الصحية. وتتم اعادتهن للسجن عندما تتحسن صحتهن.

ولجأت الأمريكيات أيضا لهذه الطريقة، احتجاجا على عدم السماح لهن بممارسة حقوقهن السياسية. وقد نجحت تلك الوسيلة في الضغط على الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون الذي أعلن تأييده للتعديل 19 في الدستور الأمريكي الذي منح المرأة حق التصويت.

وفي العصر الحديث كانت الحالة الاكثر درامية وفاة عشرة من اعضاء الجيش الجمهورية الايرلندي في العام 1981 نتيجة الاضراب عن الطعام. فبعد ان رفضت السلطات البريطانية اعتبارهم سجناء سياسيين وتحسين اوضاع اعتقالهم تبعا لذلك، بدأ بوبي ساندز اضرابه الذي استمر 63 يوما قبل ان يتوفى، ولحقه تسعة آخرون واصلوا الاضراب واحدا تلو الآخر حتى الموت. وقدمت السلطات البريطانية تنازلات جزئية لهم وتم فك الاضراب.

وقد ارتبط الاضراب عن الطعام بمفهوم قديم اطلق عليه 'فعل التدمير الذاتي' الذي كان محاولة لتعرية الظالم علنا الذي يسمح ببقاء انسان جائعا في كنفه. وفي 1917 مارس الجيش الجمهوري الايرلندي هذا الاسلوب من الاحتجاج من خلال المناضل توماس آش زعيم ثورة عيد الفصح في 1916 في دبلن. وقد توفي ذلك المناضل في السجن اثناء محاولة اطعامه بالقوة. وينسب اليه القول: 'من يعاني أكثر من غيره هو من ينتصر في النهاية'. وافرجت السلطات البريطانية لاحقا عن 89 من الناشطين الايرلنديين بعد اقل من ثلاثة اسابيع من اضرابهم عن الطعام لتجنب المزيد من الحرج.

الواضح ان اغلب قرارات الاضراب عن الطعام تحقق نتائج مرضية للقائمين بها. فحتى الاسرائيليون لم يستطيعوا تجاهلها، برغم ممارستهم ابشع اشكال ارهاب الدولة، لانها تخلق تعاطفا دوليا واسعا وتفتح الملفات السوداء للنظام المستهدف بالاضراب، وتحرج حلفاءه بشكل كبير. وفي الاسبوع الماضي بدأ مناضلان بحرانيان، علي مشيمع وموسى علي اضرابا عن الطعام عن الطعام امام السفارة الامريكية في لندن مطالبين بالافراج عن اثنين من قادة الثورة مهددان بالموت: عبد الهادي الخواجة المضرب عن الطعام منذ سبعين يوما تقريبا وحسن مشيمع الذي يعاني من السرطان. وواصلا اضرابهما بعد اقتحامهما سفارة بلدهما في لندن مطالبين بالافراج عن السجناء، وانتهى الامر باعتقالهما، كل ذلك لجذب الانظار الى قضية شعبهما وثورته.

وهكذا يتضح ان الاضراب عن الطعام وسيلة المناضلين السلميين الذين يمارسونه كمقاومة ذات طابع سلبي يتحاشى العنف ويهدف لجذب انظار الآخرين الى قضيته. ان الاضراب عن الطعام وسيلة مفيدة اذا اقترن بحراك سياسي ميداني، فحينئذ تتضافر جهود المناضلين والثوار لتقود مسيرة التغيير.

الجمعة، 13 أبريل 2012

كيف نسترجع الثورة؟

L4Bahrain

وطن ضائع بين متحدث خفي وبين عامل صامت، بين سياسي يدّعي أنه (محنك) وبين ثائر متهم بأنه (جاهل بفنون السياسة)، بين عجول راغب في الشهرة وبين منتظر خائف من الخطوة القادمة، وبين واعي لواقع الوطن وبين غافل عنه!

أسئلة:
معظم هؤلاء تائهون بين ما يجب فعله أو قوله أو التفكير فيه.
هل يعيشون ثورة؟ هل يعيشون أزمة؟ سؤال يطرحه الجميع!
هل يريدون الثورة التي تسقط الصنمية أم يقبلون بأي تغيير شكلي ينهي الوضع الذي يعيشونه منذ عام؟
هل هم واثقون من ضرورة الثورة أم مستسلمون لقناعة ألا حل إلا بالتنازل لآل خليفة؟

رسائل من الثوار:
يبدو الأمل ضائعاً! لكن الثورة ليست ثورة يوم أو شهر أو سنة! إنها ثورة قرون، علينا بالاستمرار فلقد وصلنا الذروة في هذه الثورة ولا يمكننا التراجع لقد وصلنا إلى نقطة اللاعودة لا تراجع لما قبلها.

تذكروا أننا إن أنهينا هذه الثورة فإننا ننهي أنفسنا بأنفسنا، فآل خليفة لا يريدون لنا إلا الزوال، لقد تعلموا درسهم جيداً، الحل الوحيد بالنسبة لهم هو فناء شعبنا وانقراضه!

بين الثورة والأزمة:
البحرين لا يبدو أنها تعيش ثورة حالياً بل انتقلت لركود الأزمة، إن كان الشعب البحراني يريد الثورة فيجب أن يحييها ليرى العالم حقيقة الثورة وضرورة الخلاص من آل خليفة، ويتحوّل لثورة الحسين مجاهداً بالمال والولد والنفس مسترخصاً لأجل عقيدته، دنياه لا تساوي شيئا في مقابل آخرته!

سؤال:
ماذا يجب أن نفعل لكي نُفعّل الثورة من جديد؟ هل نُحرق البلد؟ هل نخاطب العالم أن أنقذنا؟

جواب:
احراق البلد يقوم به آل خليفة، أي عملية يقوم بها الثوار فالعالم يعرف جيداً أن المتسبب فيها هم آل خليفة بتعنتهم وغباءهم وعدم قدرتهم على ايجاد حل للمشكلة!

مخاطبة العالم ماذا نرجو منه وهو متعلق بقرود ثلاثة: لا أسمع لا أرى لا أتكلم، كيف نكلم من أصاب عينه العور فرأى الظلم في مكان وتغافل عنه في مكان آخر، عام ونحن نتعذب على مرأى ومسمع كل العالم، فلم يستطيعوا شيئاً.. سوى إبداء القلق والعجز عن انقاذنا!

لا نرجو منهم إنقاذنا! سنظل نخاطبهم لأن هدفنا ليس طلب النصرة من العالم الأعور الدجال، بل لكي نكشف زيفهم وكذبهم لأنهم لا يستطيعون نصرة الحق!

رسائل سياسية:
امريكا لها مصالح بإبقاء الحال مستقرة في البحرين ولا تريد الدمار فيها فهي نقطة استراتيجية لها في حربها ضد ايران وروسيا! هل هي مستعدة لجعل البحرين تحترق تحت أقدام آل خليفة؟! لا، فهم سلطتها الممكنة لها في هذه النقطة الصغيرة من العالم، لطالما حرصت امريكا -وبريطانيا قبلها- على استقرار آل خليفة فيها على الرغم من تعنتهم!

ماذا نستطيع أن نفعل لكي نفرض ما نريد على امريكا؟ فهي لا تسعى للتصالح معنا ولا نحن نسعى للتصالح معها! فهي عدوتنا كما آل خليفة؟

بالضغط على امريكا لكي تقدم التنازلات للشعب المناضل الراغب في تخلص من الظلم والعبودية لهم، وإظهار ضعف آل خليفة وضرورة ايجاد حل أنسب لما يجري في البحرين وتذكيرها بأن ما فعله آل خليفة من انهيار اقتصادي في البحرين خلال انتفاضة التسعينيات أفسد مصالح امريكا في الخليج، مما اضطرها مع حلفائها لإيجاد حل بإبعاد رمز الأزمة (عيسى بن سلمان) ووضع حل آخر متمثل في (حمد بن عيسى) ومخطط الميثاق الكاذب ومخطط البندر، هذه المخططات كانت بإعداد امريكي بريطاني متحالف مع سلمان بن حمد الذين خسروا الكثير خلال 6 سنوات من انتفاضة التسعينيات!

يجب توضيح كيف أن اعتقال الآلاف لم يحل الانتفاضة بل حولها لجزيرة رعب لا يجرؤ اقتصادي أو مستثمر على المغامرة فيها! وكيف فقدوا سلطتهم وكادوا يخسرون لولا خدعة الإصلاح المزعوم والميثاق الكاذب!

يجب التركيز على أننا لم نعُد في التسعينيات، وأننا أدركنا ما لم ندركه سابقاً، لكي يروا أننا القوة الفاعلة والمؤثرة في البحرين، وأن أي قرار لا يمكن أن يتم إلا بالشعب الحقيقي المطالب بحقوقه الطبيعية في وطنه وهو اتخاذ القرار بنفسه لا بسلطة من أحد! دعونا نثبت لهم أن أي مشروع لوضع آل خليفة أو أي شخص معارض في موضع الحوار أو التحدث باسم الشعب لم يعُد مقبولاً، وأننا لن ننخدع بخدعة الإصلاح الكاذبة كما في التسعينيات وأننا جميعاً لن نتنازل لأي شخص مهما كانت مكانته في قلوبنا بأن يرضخ لأي نفوذ من قبلهم! يجب أن يستسلموا لحقيقة أن الشعب وحده يقرر! لا جمعية ولا ائتلاف ولا مجلس ولا رمز يحق له الموافقة باسم الشعب على أي قرار! وأن أي قرار يتخذه أحد هؤلاء يجب أن يكون قراراً شعبياً بامتياز لا فرضاً من إحدى القوى بأنها الأكثرية أو أنها تعلم ما لا يعلمه الآخرون!

وصـــــايــــا:
لا تستسلموا لهم أبرزوا قوتكم: إعلامياً، ثقافياً، إسلامياً، ميدانياً وسياسياً!

يبدو الأمر صعباً، لكنه لن يكون مستعصياً عليكم! الشعب البحريني أبهر العالم بسلمية غريبة لم يستطع أي ثائر طوال التاريخ أن يصبر على ما صبر! لكن حان الوقت للتغيير!

كيف نسترجع الثورة:
1- إعلامياً: تحركوا لإبراز قضاياكم للعالم وكيف أن آل خليفة هم المتسببون بما يحصل في البحرين، وأظهروا للعالم لماذا يقوم الثوار بالعمليات الميدانية، تحدثوا عن الأسباب ولا تنقلوا النتائج، لم يعد الخبر عن الحدث هو المهم، بل سبب الحدث!
(ركّزوا على سبب الحدث)!
تحولوا من مواقع إخبارية ناقلة للخبر، إلى مواقع إخبارية تنشر سبب الحدث، وبجميع اللغات! انشروا الأخبار الصادقة، لا تنشروا احتمالات، فلتكن لكم مصداقية لكي يثق العالم بمعلوماتكم ويأخذ منها! لا تعتقدوا أنكم مجرد حساب إخباري على الانترنت بل أدركوا جيداً أنكم يجب أن تكونوا مصدر الحدث لا ناقلاً له! فليكن لكل قرية حساب رسمي وحيد متفرد بنقل ما يجري فيها، وهم وحدهم مخولون بالتحدث عن الحدث، ومن يريد نقل الحدث فلينقله من المصدر الأساسي للحدث والمسئول عنه! على الحسابات الخاصة بالأهالي التواصل مع الحساب الرسمي للقرية وإبلاغهم بالتفاصيل بشكل غير معلن لكي يقوموا بنشر المناسب منها! لا تطلبوا الشهرة بنقل معلومات حصرية! بل اطلبوا الوحدة في العمل ومصداقيته!

2- ثقافياً: توجهوا نحو الناس في البحرين، خاطبوهم، خاطبوا عقولهم، أخبروهم كيف يتخذون القرار ولماذا يتخذونه وعلى أي أساس! لا تغيبوا عقولهم بالتحشيد الجماهيري الغث الذي يبعد الناس عن المشاركة! أشعروهم بضرورة وجودهم لأنهم يصنعون الحدث ووجودهم بشعاراتهم الخاصة وصورهم ولافتاتهم الخاصة هي ما يجب أن يظهر في الحدث!
لا تدّعوا أن الحضور واجب وطني أو شرعي فهو يفقد الحدث زخمه وحماسه! بل أخبروهم بأن عليهم اتخاذ قرار بأنفسهم وبقناعة من دون مصادرة للمنطق والعقل وبدون مزايدات سياسية!
فلتكن فعالياتكم بحجم الشعب ورغباته وتطلعاته، واكبوا ما يحصل في الشارع وعلى الأرض وليس متأخراً عنها!

3- إسلامياً: اتبعوا نهج الإسلام ولا تحيدوا عن منطق القرآن، واتخذوا الإمام الحسين عليه السلام قدوة لكم، ففي زمن الثورة اتخذ الثائر قدوة! الإصلاح ولى زمانه وكشفنا زيف آل خليفة وخداعهم كما كشف الإمام الحسن عليه السلام زيف معاوية وخداعه عندما صالحه، نحن انتهينا من هذه المرحلة وعلينا الانتقال لمرحلة الثورة، لا تنسوا حتى ثورة الحسين مرت بمراحل مختلفة، ونجاح ثورته عليه السلام كان متعدد الجوانب، فقد احتوت على العمل الميداني والعمل الإعلامي والعمل الفكري التوعوي والعمل السياسي
كانت ثورة ناجحة بامتياز! ومن لا يرى نجاحها وفعاليتها فهو أبعد ما يكون عن معرفة الله والتدبر في قضاءه ومعرفة بالإسلام!

4- سياسياً: في بداية الثورة أغفل الثوار في البحرين الجانب السياسي للثورة، واعتمدوا فيه على جمعيات تحمل مطالب مخالفة للثوار، وهذا أوقع الثورة في المطب وأفسد تحركات الثورة الإعلامية والميدانية.
لا بد من وجود جناح سياسي للثورة، على الأقل خاص بالإئتلاف المتمثل للجانب الإسقاطي والذي يحمل نهج الثوار. لكن لم نرى مثل ذلك وهذا أضعف الائتلاف كقوة سياسية تستطيع التأثير في العالم. نعم ندرك جيداً خطورة الوضع بالنسبة لمن ينتسب للائتلاف وضرورة إخفاء شخصياتهم! لكنني أقول بضرورة وجود أشخاص خارج البحرين يتحدثون باسم ائتلاف 14 فبراير كجناح سياسي واعي يخاطب الجماهير والعالم، وضرورة وجود شخصيات حقيقية معروفة ومقبولة من الشعب ولها أسلوب علمي ومنطقي عند التحدث للإعلام، ولا أعتقد أن الائتلاف أغفل هذه النقطة بقدر ما خذل بعض الشعب الائتلاف في تحركاته السياسية.

5- ميدانياً: الحراك الميداني قوي في ثورة البحرين ولم يتوقف منذ 14 فبراير وحتى الآن، لكن اختلفت درجات تأثيره بحسب الظروف وبحسب قدرات الناس أو قناعاتهم أو تحشيدات أثّرت في قراراتهم. وفي الحراك الميداني تفاوتت الطرق المستخدمة فبين مسيرة مخطر عنها أو مهرجان مرخص أو مسيرات جماهيرية مفاجئة أو مهرجانات سرية أو ندوات إعلامية أو مؤتمرات صحفية أو فعاليات ثورية مختلفة في الهدف والمضمون!
لكن المشكلة تمثلت في عدم ترابط هذه الفعاليات أو تسلسلها من الأقل تأثيراً إلى الأكثر تأثيراً، وعدم ترابط أهداف هذه الفعاليات مع بعضها لتبدو كتصعيد لعدم تجاوب الحكومة في الفعالية السابقة!
طبعاً السبب في ذلك هو اللامركزية في القرار والإعداد والتنظيم!
صحيح اللامركزية كانت ضرورية لبدء الثورة، وهي الطريقة الأصح لبدءها، لكن وبعد عام من الثورة: ألم يحن الوقت لتشكيل تحالفات بين مجموعات متوحدة أصلاً في الهدف الاستراتيجي لهم ألا وهو (إسقاط النظام الخليفي)؟ بحيث يكونون المرجعية في اتخاذ القرارات الثورية العامة لمن يحمل الفكر الإسقاطي؟ ألم يحن الوقت لنتوحد بصدق في تجمع مركزي يحمل شعارنا وهدفنا الذي نريد؟ بحيث يقود الحراك الميداني على الأرض ويدعو للعصيان المدني مثلاً فيتبعه الناس بناءاً على ولائهم لهذا التجمع واقتناعهم به؟
نعم صحيح الائتلاف موجود! ولا غبار على عملهم، والائتلاف وضع الأساس لهذا التحالف أو التجمع بحيث يحصل على رضا شعبي وهو ميثاق اللؤلؤ، لكن هل تحركنا بما فيه الكفاية لكي يحصل على الرضا الشعبي المطلوب ليكون اللبنة الأولى في تشكيل تحالف شعبي إسقاطي سياسي يخرج للعالم كقوة يتحدث بمطلب الشعب؟
للأسف لم نتمكن من استثمار هذه الورقة المهمة في حراكنا السياسي والتي تفسد كل ورقة يخرجها النظام سواءا ميثاق 2002 أو أي وثيقة اخرى مطالبة بالاصلاح!
هل هذا يعني أننا خسرناها؟ لا، بل لا زال بإمكاننا تحريك الورقة لكي تحقق هدفها، وهنا نعتمد على وعيكم وإدراككم لأجل الثورة!

قد تختلف معي وقد توافقني! لكن يهمني أن تقدم رأيك بشكل منطقي ومحترم وتناقشني بأفكارك بهدوء وبلا تعصب! الحيادية صفة قلّ وجودها لدى الكتاب! أرجو ألا أكون متطرفة بأفكاري بل حيادية في تقييمي!
شكراً لكم! دمتم في وطن عز وكرامة!

الخواجة يجدد دماء الثورة ومرض المشيمع يؤججها

حركة احرار البحرين الاسلامية
لندن


اذا كانت الزمرة الخليفية تراهن على اطفاء جذورة ثورة الشعب فقد ثبت للعالم بشكل قاطع انهم فشلوا في ذلك تماما، وان اصرارهم على القمع لم يزد الثورة الا التهابا وانتشارا. وجاء اضراب الاستاذ الكبير عبد الهادي الخواجة ليزيد الوضع التهابا وليعيد ثورة البحرين الى الخريطة العالمية كثورة ثابتة لا تعرف النكوص او التراجع. واذا كانت تعتقد ان استمرار حجزها الجسد الطاهر للشهيد احمد اسماعيل سوف يغير حقيقة جريمة القتل العمد التي ارتكبوها بحقه، فانهم واهمون. فعائلته التزمت موقفا مشرفا برفض استلام الجثمان ما دامت شهادة الوفاة غير متطابقة مع شهادة الطبيب الذي اكد ان القتل كان نتيجة الاصابة بطلقة نارية من قوات العدو الخليفي. ما اذا كانت تراهن على تغييب الاستاذ حسن مشيمع  عن الساحة بحرمانه من التشخيص الضروري والعلاج اللازم على امل ان يؤدي استحكام مرض السرطان فيه لوفاته، فما ابعدها عن الصواب، وأقربها من الخيال. لقد اصبح كل بحراني ثورة ملتهبة، وكل جنين في رحم امه مشروع ثورة مستقبلية. واصبحت الامهات يرضعن اولادهن حليب الثورة واهزوجة النضال. وتحول كل شاب عانى الاعتقال والتعذيب او استنشق الغاز الكيماوي القاتل الى حركة دائبة من اجل التغيير الشامل الذي لن يبقي من حكم الخليفيين المجرمين أثرا. اما اذا كانوا يعتقدون ان الكذب والخداع والوعود الجوفاء والتمييز والابادة اسلحة مشروعة للحفاظ على وجودهم السياسي، فما عليهم الا ان ينظروا يمينا وشمالا ليكتشفوا ان "من كان قبلكم من القرون اولو قوة واولو بأس شديد" فأين هم الآن؟ أين هو صدام حسين؟ وأين حسني مبارك؟ وأين زين العابدين بن علي؟ أين معمر القذافي؟ وأين علي عبد الله صالح؟ انهم اما دفنوا في التراب وأصبحوا أثرا بعد عين، او انهم يعانون السجن والنفي والمطاردة من الجهات الدولية المعنية كمجرمي حرب ومرتكبي جرائم ضد الانسانية.

لم يكن موقف الاستاذ الخواجة شخصيا، بل تحول تدريجيا الى مدرسة يتعلم الثوار منها كيف يحولون القضية الشخصية الى قضية شعب وامة، وكيف يتعالون على الجراح في معركة الكرامة ويحملون راية الوطن بعزة وكرامة وايمان. فالحياة والموت بيدي الله سبحانه، ولا يملك المتفرعنون القدرة على تحديد مصير الانسان، وقد استسخف القرآن الكريم مقولة فرعون "انا أحيي وأميت"، فالمحتاج لغيره للحياة لا يستطيع منعها عن احد. لقد اصبح شبابنا الاشاوس قادرين على تجاوز سياسات الزمرة الخليفية التي تحولت يوما بعد آخر الى عصابة غريبة عن جسد الوطن، وشرذمة لا تنتمي للتراب او تاريخه او ثقافته. وقد استحوذ عبد الهادي الخواجة على حب العالم وتقديره ودعمه، سواء من بين الثوار ام اصحاب الضمائر ام السياسيين. وفي ما عدا المسؤولين الامريكيين والبريطانيين والسعوديين، فليس هناك من ساسة الدول الاخرى من لم يصدح باحترام الخواجة او يعبر عن تقديره لموقفه وتعاطفه مع قضيته. لم يفعل ابوزينب شيئا سوى الامتناع عن تناول الطعام، فكان جوعه وسيلة لاعادة ثورة الشعب المظلوم الى الواجهة واحيائها من جديد. وفي مقابل ذلك انفق السعوديون والخليفيون اموال الشعبين المنهوبين بهدف استمالة الآخرين والتأثير على الرأي العالمي، فما وجدوا الى ذلك سبيلا، بل تحولت صحافة العالم واعلامه الى صرخة مدوية ضد التنكيل بشعب البحرين وثورته. فلم تبق وسيلة اعلامية حرة الا ورفعت صوتها مطالبة بالافراج الفوري عن الخواجة، ووجهت اللوم للحكومات الغربية بسبب موقفها الداعم للاستبداد الخليفي والسعودي. لقد اصبح خط المفارقة بين الموقفين واضحا كالشمس، واستعصى على محاولات التعتيم السلطوية والخداع والنفاق التي يمارسها التحالف الانجلو- امريكي – السعودي غير المقدس، فحظيت ثورة البحرين بشرعية دولية عارمة، واصبح الحكم الخليفي في نظر  العالم ظالما، جائرا، استبداديا، ديكتاتوريا، ارهابيا ظالما. فما اقوى أثر دماء الشهداء وصمود السجناء والمعذبين.

لقد تجاوزت ثورة شعب البحرين خطر الهزيمة والابادة، واصبحت تفرض نفسها على العالم كحقيقة ثابتة لا تتراجع ولا يمكن التعتيم عليها او ا بعادها عن الاضواء. فبعد الاحتلال السعودي للبحرين في منتصف شهر مارس من العام الماضي وقتل الشهداء واستباحة المناطق البحرانية الآمنة، من كان يعتقد بان الثورة سوف تعود بعد عام كامل اقوى مما كانت عليه عند الاحتلال؟ من كان يظن ان موازين القوى العالمية سيميل ضد العدو الخليفي المجرم؟ من كان يظن ان الثورة قادرة على تجديد نفسها وان القائد المعتقل قادر على اختراق جدران السجن وكسر قيود الاعتقال واعادة الثورة بشكل هاديء ومؤثر الى واجهة حوادث العالم وتطوراته؟ أوليس ذلك مصداقا للآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة بان الجهاد كفيل بتوفير الكرامة والعزة والنصر؟ هل يمكن تحقيق الاهداف الكبيرة بدون تضحيات جسيمة؟ ليس هناك في البحرين من يقبل بتقديم عبد الهادي الخواجة او ايا من الرموز والقادة قربانا على طريق الثورة، ولكن كلا من هؤلاء تطوع بذلك، وقدم نفسه على مسلخ الحرية دفاعا عن الدين والشعب والوطن، وتصديا للعدو الغاشم الذي يهدف للقضاء على الخير والكرامة والحقوق. تعيش البحرين اياما عصيبة وارواح قادتها على الاكف، وكذلك حياة مناضليها تتارجح بين الحياة والموت، ولكن قلوب الثوار مفعمة بالامل والايمان والحب والخير، وافئدة الامهات تخفق بالدعاء واصواتهم تهتف بالحرية ورفض الاستعباد او الاستكانة. في عالم تحكمه عصابات امريكا وبريطانيا والسعودية لا يستطيع الاحرار والعظماء التغاضي عن الواقع او التشاغل بما يحرف مسار الشعب وثورته. ان الشعب موعود بالنصر والغلبة لان كلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين هي السفلى.

من فيض الجسد الطاهر النحيف المسجى على فراش المستشفى العسكري، ينهل الاحرار معين الثورة و يشربون ماء الحياة، ويستنشقون نسيم الحرية والصمود. ومع تنهده الثقيل وقد اثقله النصب والجوع تتناغم هتافات ابطال الثورة في كل شارع وزاوية "الشعب يريد اسقاط النظام" تارة و "يسقط حمد، يسقط حمد" تارة اخرى. انه سباق مع الزمن لضمان المستقبل المشرق لشعبنا الصامد المحتسب. المجد والحرية للاستاذين عبد الهادي الخواجة وحسن مشيمع. والنصر للمضربين عن الطعام تضامنا معهما في كل مكان خصوصا الاستاذين علي مشيمع وموسى عبد علي اللذين نقلا نضالهما وهما جائعا البطن الى محيط السفارة الامريكية في لندن تضامنا مع الخواجة والمشيمع، واصرارا على مواصلة طريق الثورة حتى اسقاط الحكم الخليفي البغيض. ان تاريخا جديدا تسطره دماء الشهداء واضراب الخواجة ومرض الاستاذ المشيمع وصبر بقية الرموز والقادة. نحن على موعد مع الفجر الذي تهرب فيه خفافيش الظلام وتتفتح فيه الازهار ناطقة بحرية الشعوب وهلاك انظمة الاستبداد.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا يا رب العالمين