حركة احرار البحرين الاسلامية
لندن
اذا
كانت الزمرة الخليفية تراهن على اطفاء جذورة ثورة الشعب فقد ثبت للعالم
بشكل قاطع انهم فشلوا في ذلك تماما، وان اصرارهم على القمع لم يزد الثورة
الا التهابا وانتشارا. وجاء اضراب الاستاذ الكبير عبد الهادي الخواجة ليزيد
الوضع التهابا وليعيد ثورة البحرين الى الخريطة العالمية كثورة ثابتة لا
تعرف النكوص او التراجع. واذا كانت تعتقد ان استمرار حجزها الجسد الطاهر
للشهيد احمد اسماعيل سوف يغير حقيقة جريمة القتل العمد التي ارتكبوها بحقه،
فانهم واهمون. فعائلته التزمت موقفا مشرفا برفض استلام الجثمان ما دامت
شهادة الوفاة غير متطابقة مع شهادة الطبيب الذي اكد ان القتل كان نتيجة
الاصابة بطلقة نارية من قوات العدو الخليفي. ما اذا كانت تراهن على تغييب
الاستاذ حسن مشيمع عن الساحة بحرمانه من التشخيص الضروري والعلاج اللازم
على امل ان يؤدي استحكام مرض السرطان فيه لوفاته، فما ابعدها عن الصواب،
وأقربها من الخيال. لقد اصبح كل بحراني ثورة ملتهبة، وكل جنين في رحم امه
مشروع ثورة مستقبلية. واصبحت الامهات يرضعن اولادهن حليب الثورة واهزوجة
النضال. وتحول كل شاب عانى الاعتقال والتعذيب او استنشق الغاز الكيماوي
القاتل الى حركة دائبة من اجل التغيير الشامل الذي لن يبقي من حكم
الخليفيين المجرمين أثرا. اما اذا كانوا يعتقدون ان الكذب والخداع والوعود
الجوفاء والتمييز والابادة اسلحة مشروعة للحفاظ على وجودهم السياسي، فما
عليهم الا ان ينظروا يمينا وشمالا ليكتشفوا ان "من كان قبلكم من القرون
اولو قوة واولو بأس شديد" فأين هم الآن؟ أين هو صدام حسين؟ وأين حسني
مبارك؟ وأين زين العابدين بن علي؟ أين معمر القذافي؟ وأين علي عبد الله
صالح؟ انهم اما دفنوا في التراب وأصبحوا أثرا بعد عين، او انهم يعانون
السجن والنفي والمطاردة من الجهات الدولية المعنية كمجرمي حرب ومرتكبي
جرائم ضد الانسانية.
لم يكن موقف الاستاذ الخواجة شخصيا، بل
تحول تدريجيا الى مدرسة يتعلم الثوار منها كيف يحولون القضية الشخصية الى
قضية شعب وامة، وكيف يتعالون على الجراح في معركة الكرامة ويحملون راية
الوطن بعزة وكرامة وايمان. فالحياة والموت بيدي الله سبحانه، ولا يملك
المتفرعنون القدرة على تحديد مصير الانسان، وقد استسخف القرآن الكريم مقولة
فرعون "انا أحيي وأميت"، فالمحتاج لغيره للحياة لا يستطيع منعها عن احد.
لقد اصبح شبابنا الاشاوس قادرين على تجاوز سياسات الزمرة الخليفية التي
تحولت يوما بعد آخر الى عصابة غريبة عن جسد الوطن، وشرذمة لا تنتمي للتراب
او تاريخه او ثقافته. وقد استحوذ عبد الهادي الخواجة على حب العالم وتقديره
ودعمه، سواء من بين الثوار ام اصحاب الضمائر ام السياسيين. وفي ما عدا
المسؤولين الامريكيين والبريطانيين والسعوديين، فليس هناك من ساسة الدول
الاخرى من لم يصدح باحترام الخواجة او يعبر عن تقديره لموقفه وتعاطفه مع
قضيته. لم يفعل ابوزينب شيئا سوى الامتناع عن تناول الطعام، فكان جوعه
وسيلة لاعادة ثورة الشعب المظلوم الى الواجهة واحيائها من جديد. وفي مقابل
ذلك انفق السعوديون والخليفيون اموال الشعبين المنهوبين بهدف استمالة
الآخرين والتأثير على الرأي العالمي، فما وجدوا الى ذلك سبيلا، بل تحولت
صحافة العالم واعلامه الى صرخة مدوية ضد التنكيل بشعب البحرين وثورته. فلم
تبق وسيلة اعلامية حرة الا ورفعت صوتها مطالبة بالافراج الفوري عن الخواجة،
ووجهت اللوم للحكومات الغربية بسبب موقفها الداعم للاستبداد الخليفي
والسعودي. لقد اصبح خط المفارقة بين الموقفين واضحا كالشمس، واستعصى على
محاولات التعتيم السلطوية والخداع والنفاق التي يمارسها التحالف الانجلو-
امريكي – السعودي غير المقدس، فحظيت ثورة البحرين بشرعية دولية عارمة،
واصبح الحكم الخليفي في نظر العالم ظالما، جائرا، استبداديا، ديكتاتوريا،
ارهابيا ظالما. فما اقوى أثر دماء الشهداء وصمود السجناء والمعذبين.
لقد
تجاوزت ثورة شعب البحرين خطر الهزيمة والابادة، واصبحت تفرض نفسها على
العالم كحقيقة ثابتة لا تتراجع ولا يمكن التعتيم عليها او ا بعادها عن
الاضواء. فبعد الاحتلال السعودي للبحرين في منتصف شهر مارس من العام الماضي
وقتل الشهداء واستباحة المناطق البحرانية الآمنة، من كان يعتقد بان الثورة
سوف تعود بعد عام كامل اقوى مما كانت عليه عند الاحتلال؟ من كان يظن ان
موازين القوى العالمية سيميل ضد العدو الخليفي المجرم؟ من كان يظن ان
الثورة قادرة على تجديد نفسها وان القائد المعتقل قادر على اختراق جدران
السجن وكسر قيود الاعتقال واعادة الثورة بشكل هاديء ومؤثر الى واجهة حوادث
العالم وتطوراته؟ أوليس ذلك مصداقا للآيات القرآنية والاحاديث النبوية
الشريفة بان الجهاد كفيل بتوفير الكرامة والعزة والنصر؟ هل يمكن تحقيق
الاهداف الكبيرة بدون تضحيات جسيمة؟ ليس هناك في البحرين من يقبل بتقديم
عبد الهادي الخواجة او ايا من الرموز والقادة قربانا على طريق الثورة، ولكن
كلا من هؤلاء تطوع بذلك، وقدم نفسه على مسلخ الحرية دفاعا عن الدين والشعب
والوطن، وتصديا للعدو الغاشم الذي يهدف للقضاء على الخير والكرامة
والحقوق. تعيش البحرين اياما عصيبة وارواح قادتها على الاكف، وكذلك حياة
مناضليها تتارجح بين الحياة والموت، ولكن قلوب الثوار مفعمة بالامل
والايمان والحب والخير، وافئدة الامهات تخفق بالدعاء واصواتهم تهتف بالحرية
ورفض الاستعباد او الاستكانة. في عالم تحكمه عصابات امريكا وبريطانيا
والسعودية لا يستطيع الاحرار والعظماء التغاضي عن الواقع او التشاغل بما
يحرف مسار الشعب وثورته. ان الشعب موعود بالنصر والغلبة لان كلمة الله هي
العليا وكلمة الظالمين هي السفلى.
من فيض الجسد الطاهر
النحيف المسجى على فراش المستشفى العسكري، ينهل الاحرار معين الثورة و
يشربون ماء الحياة، ويستنشقون نسيم الحرية والصمود. ومع تنهده الثقيل وقد
اثقله النصب والجوع تتناغم هتافات ابطال الثورة في كل شارع وزاوية "الشعب
يريد اسقاط النظام" تارة و "يسقط حمد، يسقط حمد" تارة اخرى. انه سباق مع
الزمن لضمان المستقبل المشرق لشعبنا الصامد المحتسب. المجد والحرية
للاستاذين عبد الهادي الخواجة وحسن مشيمع. والنصر للمضربين عن الطعام
تضامنا معهما في كل مكان خصوصا الاستاذين علي مشيمع وموسى عبد علي اللذين
نقلا نضالهما وهما جائعا البطن الى محيط السفارة الامريكية في لندن تضامنا
مع الخواجة والمشيمع، واصرارا على مواصلة طريق الثورة حتى اسقاط الحكم
الخليفي البغيض. ان تاريخا جديدا تسطره دماء الشهداء واضراب الخواجة ومرض
الاستاذ المشيمع وصبر بقية الرموز والقادة. نحن على موعد مع الفجر الذي
تهرب فيه خفافيش الظلام وتتفتح فيه الازهار ناطقة بحرية الشعوب وهلاك انظمة
الاستبداد.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا يا رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق