وقال الكاتب محمد فهد القحطاني في مقال بصحيفة "العرب" القطرية "كان على الجزيرة ان تواكب صراخ الشعب البحريني بشكل فوري كما فعلت في تونس مصر".
مضيفاً إن ما نشرته قناة الجزيرة الانجليزية في تقريرها عن البحرين حقيقة وواقع وليس من نسج الخيال.
نص المقال من صحيفة العرب القطرية
صرخة في الظلام
بقلم محمد فهد القحطاني
بتاريخ 10/8/2011 كتب الأستاذ جابر الحرمي رئيس تحرير جريدة الشرق تحت هذا العنوان «رسالة إلى الأشقاء في البحرين ما يلي «أن دولة قطر وعلى الدوام أكدت «ومنذ انطلاق قناة «الجزيرة» الإخبارية العربية في نوفمبر 1996، أن القناة مستقلة، ولا دخل لها في سياستها التحريرية، ولا تعبر عن السياسة أو التوجهات القطرية، ومنحت القناة الحرية والاستقلالية الكاملة».
قد يكون هذا الأمر مستغربا وغير مألوف في العالم العربي، الذي تعود لعقود من الزمن على الإعلام الرسمي، وأنه لا يمكن لأي وسيلة إعلام أن تنطق إلا بتوجيهات وبموافقات من الجهات الرسمية، والنظام السياسي في البلد الذي تصدر أو تبث منه، وهو ما شكّل في حالة «الجزيرة» ظاهرة غير مألوفة، في وسط إعلام يسبح باسم النظام العربي، ويلفه التقليد، ونسج عليه العنكبوت».
وأنا في مقالي هذا لن أخوض طويلا في موضوع النزاع، ألا وهو بث قناة الجزيرة الإنجليزية الفيلم الوثائقي المسمى «صرخة في الظلام»، وردود بعض الأقلام البحرينية عليه،لأنني أعتقد أن قناة الجزيرة لم تنتهك حرمة البيت البحريني، ولم تستدعِ الخيال وتعرضه على المشاهدين بديلا عن الواقع، وإنما هي قامت بعرض الصورة كما هي حادثة على أرض الواقع، وعتبنا على قناة الجزيرة يتلخص في كون العرض تأخر جدا عن تاريخ الحدث، وكنا نتمنى على الجزيرة ألا تأخذها في نقل الحراك السياسي الشعبي في البحرين لومة لائم، وأن تواكب صراخ الشعب البحريني بشكل فوري، كما فعلت من قبل مع الثورة التونسية والثورة المصرية، وكما فعلت من بعد مع الثورة الليبية والثورة السورية، لأنها بدون ذلك تفقد مصداقيتها وجدارتها التي اعترف بها القاصي قبل الداني، وتخسر من رصيدها لدى الجماهير العربية التي أمنت برسالتها..
إن ادعاء أن ما حدث في البحرين فتنة طائفية وحرب أهلية وصراع بين أطياف المجتمع البحريني دعوى تفتقر إلى الدليل، ولا بينة عليها إلا تصريحات الإعلام البحريني الرسمي وخطب الحكومة وبياناتها، لأن الأمر في حقيقته مظاهرات سلمية في غالب أحداثها قام بها الشعب البحريني أو على الأقل فئة لا يستهان بعددها منه للمطالبة بحقوق مشروعة في اقتسام السلطة والثروة، والمشاركة الجادة في أحداث الوطن، وهو أمر حدث في أكثر من مكان، وفي كذا موطن في الوطن العربي الذي عشش الفساد السياسي فيه وفرخ،، فلماذا نراه حقا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في دمشق وطرابلس والقاهرة وصنعاء، ونعتبره في الجارة المملكة وسواس شيطان ومؤامرة دولية، هل هناك مدينة فاضلة حتى نقرر ومنذ البداية أن الحراك الشعبي في مملكة البحرين نزعة إبليسية تحتاج إلى الردع السريع من قبل الجميع، وتستحق حشد الجهود وجمع الأدلة بالحق والباطل حتى نتمكن من
تسفيه أحلام هذه الفئة من الشعب البحريني؟
وللأسف أن هذا التعتيم المتعمد على ما يحدث هناك وتبني وجهة النظر الحكومية من أول يوم في الأحداث كان ديدن غالبية الأقلام الخليجية، لهذا كان من الضروري للمشاهد العربي أن يصل إلى سمعه صراخ الطرف الضعيف في المعادلة البحرينية حتى لا يكون شاهد زور على ما يحدث هناك من حراك شعبي يطالب بشكل سلمي بنصيبه في المشاركة في صنع مستقبل وطنه، واعتباره مواطنا كامل المواطنة، له من الحقوق وعليه من الواجبات ما للآخرين من أطياف المشهد السياسي البحريني من حق وما عليهم من واجب..
وإنما عتبي الكبير على الأقلام القطرية التي أرادت أن تدافع عن الموقف الرسمي القطري في موضوع بث الفيلم الوثائقي بادعاء يخالف الواقع ويقلب الحقائق رأسا على عقب، ويفقد الحكومة القطرية أقوى موقف مشرف لها في موضوع الثورات العربية، ألا وهو السماح لقناة الجزيرة الفضائية بالمشاركة في صنع حدث انتصار الشعوب العربية على جلاديها، نعم إن القول بأن قناة الجزيرة نبت شيطاني في أرض قطر لا يد للحكومة القطرية ولا شرف لها في ما وصلت إليه من تميز فاق من أتى قبلها من إعلام عربي، وأتعب من يحاول السير في طريقها من بعدها،، قول يجافي الحقيقة، لأن قانون إنشاء قناة الجزيرة الفضائية رقم «1» لسنة 1996 يعتبرها مؤسسة عامة مستقلة ذات شخصية معنوية مادة «1»، ويتولى مجلس الإدارة فيها رسم السياسة العامة للمؤسسة، والإشراف على تنفيذها، ويكون مسؤولا عن أعماله أمام مجلس الوزراء مادة «4»، ورأس مال المؤسسة مملوك بالكامل للدولة مادة «19»، ولمجلس الوزراء أن يصدر توجيهات عامة إلى مجلس الإدارة بشأن ما يجب عليه اتباعه في الأمور المتعلقة بالسياسة العامة للمؤسسة، وعلى مجلس الإدارة التقيد بهذه التوجيهات مادة «8»..
ولم يتم تعديل الشكل القانوني للشبكة ككل من مؤسسة عامة مستقلة إلى مؤسسة خاصة ذات نفع عام إلا بموجب القانون رقم «10» لعام 2011 الصادر في نهاية شهر مايو الماضي.. انظر: جريدة الشرق الصفحة الرئيسية والصفحة الثالثة بتاريخ 12/يوليو/ 2011..
نعم إن قناة الجزيرة الفضائية ليست تجسيدا للشيطان في أرض طاهرة يستحق الرجم من قبل الأقلام القطرية، وإنما هي توجه مشرف للسياسة القطرية لنصرة المستضعفين في الأرض، فلماذا تقوم الأقلام القطرية باسترضاء الآخرين على حساب شيطنة أنجح مشروع عربي في العقود الأخيرة بادعاء أن قناة الجزيرة الفضائية لقيط يعيش على أرض ليست لأبوه وأمه،، يحق لنا الاعتزاز بكون قناة الجزيرة الفضائية نبت زرعه أمير الحرية باقتدار، وحصدت ثماره الجميلة الشعوب العربية المغلوبة على أمرها..
نحن لا نتنكر ولا نخجل من الدور الكبير الذي قامت به قناة الجزيرة الفضائية في زعزعة أركان الطغيان العربي، وفي رفع سقف الإعلام الحر وإعطاء حرية التعبير زخمها التي تستحقه، وإنما غاية المنى أن تستمر قناة الجزيرة في ذلك، وأن تتعامل مع حراك الشعوب العربية على قدم المساواة، فليس من المستساغ أن تصل خيرات الإعلام الحر إلى طرابلس وبنغازي ودرعا وجسر الشغور، وإخواننا في الجوار يقطع عنهم الإرسال، وذلك لأن الأقربين أولى بالمعروف، وحق الشعوب في تقرير مصيرها لا يختلف هنا عن هناك..
وزبدة القول إن عرض الفيلم الوثائقي «صرخة في الظلام» لا يعدو أن يكون إلا تطبيقا للحديث الصحيح الذي قال فيه الرسول الأعظم -صلى الله عليه وسلم- «أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً».
فلما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم - قال الصحابة يا رسول الله كيف أنصره ظالماً؟ قال: تحجره عن الظلم..
وذلك لأن الظلم الواقع على الشعوب هو أول الطريق لسقوط الأنظمة، فإذا كنا لا نزال نقيم لهذه الأنظمة وزنا ولها من رصيد التقدير شيئا يذكر عندنا، فإن الواجب علينا الأخذ على يديها وتنبيهها للخطر الذي تسير فيه بانتهاكها الحقوق المشروعة لمواطنيها قبل أن تقع الفاس في الراس ولات حين مناص..
أما الزعم بأن الأمور في الشقيقة المملكة البحرينية عال العال وفوق هام السحب، وأن ليس هناك تحت الدخان نار فليس في مصلحة أحد، لا الحكومة البحرينية ولا الشعب هناك، ولا حتى في مصلحة الجوار، وعلى رأسهم طبعا دولة قطر..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق