صوت الثورة
بدا على وجوه بعضهم الشحوب، وبدا على آخرين الإعياء والإجهاد.. هكذا كان تجمع عشرات البحرينيين المضربين عن الطعام أمام مجمع البحرين التجاري (جيان) مساء أمس الاثنين 5 سبتمبر/أيلول 2011، لإعلان مطالبهم بالإفراج عن الأطباء ومعتقلي الرأي في السجون الخليفية، والتأكيد على استمرارهم في الإضراب عن الطعام حتى تحقق مطالبهم.
تجمعٌ شارك فيه إلى جانب المضربين عن الطعام عشرات من المتضامنين معهم، لكنه لم يلبث أن هوجم بعنف مفرط من قبل قوات المرتزقة التي هاجمت المعتصمين بإطلاق الغازات المسيلة للدموع بكثافة على المعتصمين دون سابق إنذار، ثم أتبعت ذلك بمطاردات راجلة وأخرى بسيارات الأمن، حيث وصلت المطاردات إلى داخل القرى المجاورة (السنابس، الديه، وجدحفص).
أحد المشاركين في الاعتصام قال "لصوت الثورة": "تفاجأنا بمحاولة قوات الأمن وبإصرار غريب دهس المتضامنين والمعتصمين"، مضيفاً: "إنهم لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء النظر لما نحمل من لافتات أو محاولة معرفة ما نريد، كان كل همهم تفريق المعتصمين بأي شكل من الأشكال، ولو أفضى ذلك لسقوط القتلى أو الجرحى"، فيما قال آخر: "حتى بعد دخولنا قرية الديه كانت الغازات الخانقة التي أطلقت بشكل مفرط تملأ الأجواء ما تسبب في اختاق البعض وعلى الأخص النساء والأطفال المتواجدين في القرية دون أن يكونوا مشاركين في الاعتصام".
ن.س. كانت من بين المشاراكات في الاعتصام، وهي إحدى المضربات عن الطعام لليوم الثاني على التوالي، قالت وهي بالكاد تجر أنفاسها: "لا يُعقل أن يكون هؤلاء بشر".. مستدركة القول: "لكن ذلك لن يثنينا عن المطالبة بإطلاق سراح الشرفاء الذين يقبعون خلف القضبان لا لشيء سوى تأديتهم عملهم بأمانة وتفانيهم في إسعاف الجرحى والمصابين وإنقاذ حياة من تعرضوا لبطش المرتزقة".. وفي رد لها على سؤالنا عن قرابتها لأي من المعتقلين، قالت: "ليس لي قرابة مع أي منهم سوى أنهم أبناء بلدي المضحين بحريتهم من أجلنا نحن.. من أجل مستقبلنا ومستقبل أبنائنا.."
محامية بحرينية وناشطة في حقوق الإنسان فضلت عدم ذكر اسمها، أكدت لصوت الثورة في معرض تعليقها على سؤال حول وجهة النظر القانونية في ردة فعل قوات الأمن الخليفية على الاعتصام حق المعتصمين في التعبير السلمي عن رأيهم وفق التشريعات المحلية والدولية، مؤكدة أنه حق كفله الدستور ولا يجوز لأحد مصادرته، قائلة: "مملكة البحرين طرف في العديد من الصكوك الدولية الواجبة التطبيق في مجال حقوق الإنسان لاسيما العهديين الدولين الخاصين بحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان واللذين يكرسان حق الفرد في ممارسة الاعتصام السلمي باعتباره وسيلة سلمية مشروعة للتعبير عن الرأي شريطة أن لا يؤدي الى الاضرار بالمصالح العامة والخاصة". مضيفة: "لم يشذ دستور مملكة البحرين عن حماية هذا الحق، فإن ما جرى من فض لاعتصام سلمي سعى اليه عدد من المواطنين للتضامن مع الكادر الطبي الأصيل لقيامهم بالإضراب العام عن الطعام والذي نشأ من قلق المعتصمين لتعرض الاطباء الخاضعين لمحاكمة عسكرية لأي تأزم صحي، يشكل انتهاكا لحق التعبير وتضييق لمساحة حرية الرأي".
وحول قانونية الاعتصام، قالت: "الاعتصام السلمي كحق كفله الدستور هو القائم على مبدأ اللاعنف يعد صيغة من صيغ الديمواقراطية التي تتبناها الدولة الحديثة والتي تؤمن بالشراكة المجتمعية وتتيح لافرادها ممارسة حقوقهم المشروعه فلا مجال للتحدث عن الحرية تحت وطأة القمع واستخدام القوة لتفريق اعتصام سلمي. وبذلك فإننا نؤكد على مشروعية الاعتصام السلمي لأي فئة شعبية أو قوى سياسية وندين لجوء السلطة لفض الاعتصام السلمي باستخدام القوة والذي من شأنه تعريض المعتصمين للخطر في الوقت الذي تلتزم فيه السلطة بتأمين أمن المواطنين".
واختتمت المحامية حديثها لصوت الثورة بالتأكيد على تضامنها مع المضربين عن الطعام كمظهر احتجاجي على سوء المعاملة التي يتلقاها الأطباء ومعتقلي الرأي في السجون، معتبرة هذا الحق أحد الركائز الاساسية لنيل المطالب الشعبية، داعية السلطة للتعامل: "بشكل ديموقراطي مع التحركات الشعبية السلمية الملازمة لمبدأ التعددية لكي نرقى لمستوى من التعامل الانساني الذي يليق بالوطن".
هذا وكانت مجموعة من المواطنين البحرينيين قد بدأت إضراباً عن الطعام اتسعت رقعته من اليوم الأول للإعلان عنه لتشمل أكثر من 200 شخص من الجنسين من مختلف الفئات العمرية، من بينهم أطفال وأقارب المعتقلين، فيما أعلن حقوقيون ومواطنون آخرون من البحرين والكويت والسعودية، تضامنهم مع المضربين. كما انضمت عائلتان إحداهما كويتية والأخرى بحرينية مقيمة في الكويت تضامن ثلاثة عشر فرداً تتراوح أعمارهم بين الثالثة عشرة والثامنة والخمسين عاماً إضرابهم عن الطعام تضامناً مع المضربين داخل وخارج السجون الخليفية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق