صوت الثورة
يطالعنا رموز جمعيات
التحالف الخماسي بين الحين والآخر بدعاوى "إدانة عنف
الشارع".. ومع انطلاق تلك الدعاوى يشتدُّ السجال لا بين مؤيد
ومعارض، وإنما بين مُبرِّرٍ ومدافع. فلا تكاد ترى في ما يُثار من نقاشات في موضوع
"إدانة العنف" مناقشة حقيقية
لطبيعة العنف أو مفهومه أو مصدره، أو حتى |
الإدانة وأبعادها، وإنما يكون الجدال
دوماً تحت عنوان عريض يسميه هواة التبرير "سياسة تخوين
الجمعيات"، في إشارة للرافضين لهذه "الإدانة" من الجمعيات السياسية بغض النظر عن
شخص قائلها.
وقد أخذ هذا الموضوع مؤخراً مساحة واسعة من النقاشات العقيمة سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو في المجالس أو في غيرها من التجمعات، وذلك نظراً لعدة أسباب، أبرزها ارتفاع وتيرة "إدانة عنف الشارع" وإقحامها في كل موضوع بسبب أو من غير سبب، لدرجة أنه لا يكاد يخلو منها خطاب سياسي في الآونة الأخيرة، رسمياً كان أو شعبياً، جماهيرياً كان أو نخبوياً. ومن بين تلك الأسباب أيضاً ما يلمسه الشارع من مؤشرات واقعية لا علاقة لها بالأوهام وإنما بالوقائع الثابتة تدلل على جهوزية طاولة الحوار بين النظام الخليفي المجرم وجمعيات التحالف الخماسي بصفتها التي تنسبها لنفسها في تمثيل الشارع، أو بتعبير أدق السواد الأعظم من الشارع، رغم ما يلاقيه هذا الزعم من رفض ومقاومة، وهو ما نلمسه من التصريحات الواضحة أحياناً والتلمحيات المبطنة أحياناً أخرى، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر تصريح أمين عام جمعية الوفاق في حسابه الرسمي على تويتر حين قال ما نصه: "هناك من يطالب بإسقاط النظام، وأنا بقراءتي السياسية أن أغلبية الشعب مطلبه هو الملكية الدستورية الكاملة".. لسنا هنا بصدد تحليل هذه العبارة ولا مضامينها أو مراميها، كما أننا لسنا بصدد مطالبة الأمين العام بتقديم ما يدلل إحصائياً على هذه القراءة حيث أن الاستناد للكتل الانتخابية مردود عليه، فهذه العبارة ومثيلاتها لا تعدو كونها عملية توجيه منظم للرأي العام بحكم الموقع الديني والسياسي والاجتماعي الذي يشغله.. فزعمٌ كهذا الزعم يستلزم البيّنة لا الكلام المرسل والقراءات الشخصية، ذلك أن المسألة ترتبط بمصير شعب، هو وحده من يملك حق تقريره. وإنما إيرادنا لهذا الاقتباس جاء للتدليل على ما أوردنا من مزاعم الجمعيات السياسية بتمثيلها للسواد الأعظم، لا أكثر من ذلك ولا أقل.
وقد أخذ هذا الموضوع مؤخراً مساحة واسعة من النقاشات العقيمة سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو في المجالس أو في غيرها من التجمعات، وذلك نظراً لعدة أسباب، أبرزها ارتفاع وتيرة "إدانة عنف الشارع" وإقحامها في كل موضوع بسبب أو من غير سبب، لدرجة أنه لا يكاد يخلو منها خطاب سياسي في الآونة الأخيرة، رسمياً كان أو شعبياً، جماهيرياً كان أو نخبوياً. ومن بين تلك الأسباب أيضاً ما يلمسه الشارع من مؤشرات واقعية لا علاقة لها بالأوهام وإنما بالوقائع الثابتة تدلل على جهوزية طاولة الحوار بين النظام الخليفي المجرم وجمعيات التحالف الخماسي بصفتها التي تنسبها لنفسها في تمثيل الشارع، أو بتعبير أدق السواد الأعظم من الشارع، رغم ما يلاقيه هذا الزعم من رفض ومقاومة، وهو ما نلمسه من التصريحات الواضحة أحياناً والتلمحيات المبطنة أحياناً أخرى، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر تصريح أمين عام جمعية الوفاق في حسابه الرسمي على تويتر حين قال ما نصه: "هناك من يطالب بإسقاط النظام، وأنا بقراءتي السياسية أن أغلبية الشعب مطلبه هو الملكية الدستورية الكاملة".. لسنا هنا بصدد تحليل هذه العبارة ولا مضامينها أو مراميها، كما أننا لسنا بصدد مطالبة الأمين العام بتقديم ما يدلل إحصائياً على هذه القراءة حيث أن الاستناد للكتل الانتخابية مردود عليه، فهذه العبارة ومثيلاتها لا تعدو كونها عملية توجيه منظم للرأي العام بحكم الموقع الديني والسياسي والاجتماعي الذي يشغله.. فزعمٌ كهذا الزعم يستلزم البيّنة لا الكلام المرسل والقراءات الشخصية، ذلك أن المسألة ترتبط بمصير شعب، هو وحده من يملك حق تقريره. وإنما إيرادنا لهذا الاقتباس جاء للتدليل على ما أوردنا من مزاعم الجمعيات السياسية بتمثيلها للسواد الأعظم، لا أكثر من ذلك ولا أقل.
عوداً على محور
البحث، نقول: إن دعاوى التخوين والتسقيط التي يتبناها مناصروا الجمعيات السياسية
لكل من يبدي رأياً أو قناعةً مغايرة لقناعات الجمعيات السياسية، أو بالأحرى جمعية
الوفاق تحديداً، مرفوضة رفضاً قاطعاً، تماماً كرفضنا لدعوى الإدانة التي ما عادت
تغادر أفواه المتحدثين من هذا التيار. نعم، نقبل ونتقبل أن يكون لكل تيار، بل لكل
فردٍ رأيٌ مغاير، فهذا حق أصيل، ولسنا لنسمح لأنفسنا بمصادرة هذا الحق.. لكننا في
المقابل، لم ولن نسمح بمصادرة حقنا في تبني الرؤية المغايرة، بل والعمل وفق ما
نرتئيه، وبالأدوات التي نرتئيها –تماماً كما هو أنتم- طالما كان العنوان العام
لهذه الأدوات والمنهجيات هو السلمية لا الاستسلامية، مع التركيز على حقنا الشرعي
والإنساني في الدفاع ضد أي اعتداء.
في السطور التالية،
بيانٌ مقتضب جداً جداً لجملة من الأسباب التي تدعونا لرفض هذه "الإدانة" من الجمعيات السياسية ورموزها،
واعتبارها دعوى صريحة لتخوين كل رأي أو تيار مغاير يتبنى الدفاع بما هو متاح من
وسائل، ومن بينها القنابل الحارقة "المولوتوف".. أجل، هي دعوى تخوين
وتسقيط صريحة، المستفيد الأكبر منها هو النظام، الذي يُقر أصحاب تيار الإصلاح بين
الحين والآخر في تصريحاتهم بعدم إمكانية إصلاحه، وعدم جديته في الإصلاح.
قبل الخوض في مفهوم
وأبعاد الإدانة، لابد من تسليط بعض الضوء على موضوع الإدانة وذلك بغرض حصر البحث
في نقطة واضحة المعالم تجنباً لتشتيت القارئ والمتابع، لاسيما مع حالة التشابك
القائمة بين التيارين (تيار الإصلاح ، وتيار الإسقاط)، والتي لا تزال حتى اللحظة
في إطار الاختلاف المقبول، غير أنها باتت تجانب حدود نهايته لتتقل من حيز الخلاف
إلى حيز الاختلاف، وهو ما لا نتمناه تأسيساً على إيماننا بأن لكل طرف الحق في تبني
ما يؤمن به، والسعي لتحقيقه، دون حقه في منع الآخرين من ممارسة ذات الحق، أو نعتهم
بأبشع النعوت المبطنة بكلمات هي أشبه بدس السم في العسل.
موضوع الإدانة، كما
هو معلوم وواضح للعيان يتمثل في العنف والعنف المضاد. هذه المعادلة تشير في عمومها
إلى ممارسة العنف كـ(فعل)، وممارسة أخرى كـ(ردة فعلٍ) على العنف الابتدائي هي
العنف المضاد. وعلى غير القاعدة الفيزيائية المعروفة بأن "لكل فعلٍ ردة فعل
مساوية في المقدار ومضادة في الاتجاه"، فإن مقدار العنف أو العنف المضاد إنما
يعتمد على القوة التي يتمتع بها كل طرف من طرفي المعادلة. فأحياناً يكون العنف
مفرطاً بينما تكون ردة الفعل متواضعة بحكم محدودية القوة، وأحياناً تكون ردة الفعل
أقوى من الفعل ذاته.
ويمثل المظهر
الأخير (أي زيادة مقدار ردة الفعل على الفعل) حالة البغي والعدوان التي نهى عنها
ديننا الحنيف، كما في قوله عز من قائل (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا
فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) سورة الإسراء -33. فالآية
الكريمة قد أقرت بحق ردة الفعل على الفعل الظالم ومنحت المُعتدى عليه الحق في رد
ما وقع عليه من ظلم، وهو القتل بدون وجه حق في هذه الآية الكريمة، محذرة من الإسراف
في ردة الفعل بما يتجاوز الفعل الظالم. وفي المقابل، تمثل الحالة الأولى المتمثلة
في تواضع ردة الفعل أمام الفعل الابتدائي بحكم محدودية القوة، حالة الظلم
والاضهاد. لذلك نجد أن المولى عز وجل قد خص بنصره الطرف المُستضعَف الذي وقع عليه
الظلم ولم يقوَ على رده.
فالأصل إذن هو إقرار
الشارع المقدس بمبدأ الفعل وردة الفعل في الاعتداء، وهو ما اصطلح عليه الذكر
الحكيم بالقصاص الذي يضمن ميزانه قيام التساوي بين ردة الفعل والفعل الابتدائي.
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ
لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ
ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ
عَذَابٌ أَلِيمٌ) سورة البقرة -178.
وعليه، يكون الرد
على هذا المبدأ ردٌ على المُشرع السماوي، وهو الواحد الأحد سبحانه وتعالى عما
يصفون.
وبقليل من الفحص والتأمل
في الواقع المعاش في البحرين، فإنه لا يمكن للمنصف أن يضع ما يجري على الأرض من
فعل ورد فعل في خانة الإفراط في ردة الفعل، بل في خانة المحدودية المحكومة بموازين
القوى بين الطرفين المتنازعين. فإذا كانت الحال كذلك، فإن الحيلولة دون رد الطرف
المستضعف لما يقع عليه من اعتداء وظلم وجور، إنما هو انتصار للطرف المعتدي،
وتمكينٌ له في الإمعان في اعتدائه، وتبريرٌ له في ما اقترف من ظلم.
ونكتفي بهذا القدر
من تعريف موضوع الإدانة، والذي نوجزه في ما تصرح به الجمعيات السياسية من أنها
"تدين العنف من الطرفين"، لننتقل
للمحور الثاني من هذا البحث.
المحور الثاني:
معنى الإدانة ومفهومها:
يقول أحد رموز
جمعية الوفاق متحدثاً لجمهوره: "نحن أدنا وندين استخدام المولوتوف وكل أشكال
العنف كما طُلب منا، فهل يدين ولي العهد عنف السلطة؟".. وروماً لتقديم حسن
النوايا، نقول أن المتحدث يبدو غير مقتنع أساساً بالإدانة وإنما يسعى فقط لتحقيق
مكسب سياسي، لأنه حسب تعبيره يدين كما طلبت منه السلطة أن يُدين، ونأمل حقيقةَ أن
يكون المتحدث غير مدركٍ لمعنى الإدانة، لعل وعسى نلتمس له العذر، وإن كان المتحدث
في موقع يُفترض به أن يدرك ويعي ما يقول. أما إن كان مقتنعاً بما تفوه به، فإنه يكون
المسؤول الأول والأخير عن أي ردة فعلٍ تصدر من الطرف الذي أدانه، وليس لأحد الحق
في النيل من المدان في ردة فعله، والتي هي في الأساس تسير وفق نفس القاعدة الفيزيائية
(لكل فعل ردة فعل مساوية في المقدار ومضادة في الاتجاه).
فما معنى الإدانة؟
تشير معاجم اللغة
إلى معنى "الإدانة"، (ومصدرها: د ي ن) بأنه التجريم وإثبات التهمة. فعلى سبيل المثال،
يُورد (المعجم الغني) عبارة توضيحية للمعنى هي: "بالرغم
من مرافعة المحامي صدر الحكم بإدانته: أي أنه شخصٌ مذنب"، ويُعقِّبُ
ذلك ببيان معنى قرار الإدانة وهو "قرار الاتهام
بالجرم أو الذنب".
أما (معجم اللغة
العربية المعاصر) فيُعرِّف الإدانة من الناحية القانونية على أنها: "الحكم على الخصم بكل مطالب خصمه أو
بعضها، أو الحكم بالعقوبة على من ارتكب مخالفة أو جنحة أو جناية"، مُتبِعاً
ذلك بعبارة: "حكمت المحكمة بإدانته، أي أثبتت الجريمة عليه". ويستطرد
المعجم في التفصيل والبيان فيورد العبارة التالية: "أدان القاضي المتهم، أي أثبت
التهمة عليه، أو حكم عليه".
كما يذكر معجم
(مصطلحات فقهية) معنى الإدانة بأنه "إلصاق التهمة". ونكتفي بهذا القدر
اليسير ويمكن لمن يرغب في الاستزادة مطالعة أي معجم من معاجم اللغة تحت باب (د ي
ن) أو (أدان).
وخلاصة القول، هي
أن الإدانة لا تعني سوى: إلصاق التهمة وتثبيت الجرم والجناية والذنب على الطرف
المدان.
والسؤال الذي
يتبادر إلى الذهن هاهنا:
ألا تكون الإدانة بعد ما اتضح مفهومها لمن كان يجهلها، تجريماً
لمن يحمل المولوتوف دفاعاً عن عرضه وشرفه ونفسه وماله ومقدساته؟
وهل يحمل معنى
التجريم إلا التخوين على عكس ما يدعي مناصروا الجمعيات السياسية من أن الطرف
الثاني هو من يُخوِّن الجمعيات السياسية ورموزها؟
ألا يقتضي تثبيت الجرم وإلصاق
التهمة إيقاع العقوبة على من تمت إدانته؟
فإن كنت لا تدري
فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ.
المحور الثالث: من
المستفيد من إدانة الشارع وتجريمه؟
من الخطأ الفادح
اعتبار النظام الخليفي المجرم هو الطرف الوحيد المستفيد من تجريم الشارع، فهو لا
يعدو كونه المستفيد المباشر من هذا التجريم بما يحققه من تحسين صورته التي ظهرت
على حقيقتها للعالم بأسره، حيث كونه المسؤول عن الأمن فإنه يحق له ملاحقة المجرمين
ومحاسبتهم وإيقاع العقوبات بحقهم. بل إن هذا التجريم ينقله من كونه طرفاً معتدياً للطرف
المعتدى عليه، إذ أن إثبات الجرم لا يحتمل سوى معنى الاعتداء الابتدائي، وإلا لم
يكن الفعلُ جُرماً وإنما دفاعاً تقره التشريعات الوضعية فضلاً عن التشريعات
السماوية. ويكون تبعاً لذلك كل إجراء يقوم به النظام عبارة عن ردة فعل طبيعية لرد
ذلك الاعتداء عليه أو على الأمن والاستقرار، وهو عينه ما يكرره النظام في إعلامه
المحلي والإعلام الداعم وفي كل محفل يتسنى له الظهور فيه دون كللٍ أو ملل.
بيد أنه لا يمكننا
تجاهل المستفيد غير المباشر من هذا التجريم، والذي يتمثل في التيار المنادي بإصلاح
النظام، والرافض كل الرفض لمطالب الشارع والتيارات السياسية الأخرى بإسقاط النظام،
وهو أمر ليس بالسر أو الأجندة المخفية، بل منهجية مُعلنة واضحة، تتمثل بعض مظاهرها
في العمل على إضعاف كل فعالية ميدانية تقوم بها التيارات الأخرى من خلال فعاليات جماهيرية
تتزامن مع فعاليات التيارات المغايرة فيما تختلف في الموقع والمكان.
ولسنا هنا بصدد سرد
كل جوانب الاستفادة غير المباشرة لتيار إصلاح النظام من تجريم الشارع، وإنما نتعرض
فقط لبعضها، والتي تشمل:
أولا: الإقصاء
الإعلامي للرأي المغاير، وذلك من خلال إلصاق الجرم به. فيكون متى ما تسنى له
الظهور اليسير في وسائل الإعلام العالمية في موضع الدفاع عن موقفه ومنهجيته
وأدواته أمام ما يوجه إليه من اتهامات، بدل استثمار هذا الظهور في فضح جرائم
النظام وإيضاح مطالبه الحقيقية في هذا الصراع.
ثانياً: الإقصاء
السياسي، وذلك من خلال إلصاق حالة العنف بمنهجيته في المطالبة، الأمر الذي لا يؤهله
للدخول في أي معادلة سياسية، وعلى وجه الخصوص في مرحلة ما بعد الثورة.
ثالثاً: حلحلة
الدعم السياسي والمعنوي والإعلامي للطرف المغاير، حيث أنه متى ما تم تثبيت الجرم
بالإدانة من الداخل ومن الأطراف المصنفة ضمن خانة الشريك في الثورة، كان الحَرَجُ
والاحتراز من الدعم العلني الظاهر ابتعاداً عن الشبهة. فمن يدعم المجرم غير من
يماثله في الإجرام أو من له مصلحة شخصية في ذلك الدعم يسعى للوصول إليها من خلال
المجرم.
لربما، بل من المؤكد أن البعض لاسيما جمهور الجمعيات سيسوق اعتراضه على ما مر بالقول أن تصريحات رموز وكوادر الجمعيات تؤكد على عدم الإقصاء.. ولهؤلاء نقول: متى ما تطابق القول مع الفعل، كان ما ورد أعلاه غير صحيح، أما الواقع المعاش في الوقت الراهن فيشير إلى عدم التطابق البيِّن.
لربما، بل من المؤكد أن البعض لاسيما جمهور الجمعيات سيسوق اعتراضه على ما مر بالقول أن تصريحات رموز وكوادر الجمعيات تؤكد على عدم الإقصاء.. ولهؤلاء نقول: متى ما تطابق القول مع الفعل، كان ما ورد أعلاه غير صحيح، أما الواقع المعاش في الوقت الراهن فيشير إلى عدم التطابق البيِّن.
نكتفي بهذا القدر
اليسير من أوجه الاستفادة غير المباشرة من الجرم الذي تقترفه الجمعيات السياسية
بحق الثوار المطالبين بإسقاط النظام، بقصد أو بدون قصد، انطلاقاً من حقهم الأصيل في تقرير مصيرهم دون
إنابة الغير للتقرير عنهم، من خلال قلب الموازين ونقل حالات الدفاع المتواضع من خانة ردة
الفعل إلى خانة الفعل الابتدائي المُدان، وتحويل المجرم إلى ضحية، والضحية إلى مجرم، وهو
ما يتم الاصطلاح عليه بـ"المكاسب السياسية". ولو لم تكن هناك
"مكاسب" لما قام أي طرف أو فرد بما يقوم به من عمل.. فحتى المصلي يصلي
طلباً للأجر والمكسب، والعامل يعمل من أجل الأجر والمكسب، وكذلك هم الساسة
والثوار، غير أن لكلٍ مكاسبه الخاصة التي تنبع من، وتتأسس على رؤاه ومبانيه
ومنهجياته في العمل.
قال تعالى في محكم
كتابه الكريم، وشريف خطابه الحكيم (لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا
وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ
مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) آل عمران – 188.
اللهم إنا نسألك
السلامة في الدين والدنيا، ونسألك العافية والنصر، وأنت من كتب على نفسه نصر
المظلوم ولو بعد حين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم إلى
قيام يوم الدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق